يتم بناء الآلاف من المساجد كل عام فى كل أنحاء مصر المحروسة من الإسكندرية حتى أسوان، وكان لا بد أن نتوقع مع كل هذا الكم من المساجد والجوامع والزوايا انعكاساً على رقى الأخلاق والسلوك، كان متوقعاً ارتفاع فى حساسية رادار الضمير واتجاه بوصلته نحو الخير والحق، لكن هذا كله لم يحدث للأسف، نرى من يهرول إلى وزارة الأوقاف أو إلى الأزهر ليتبرع بالفدان اللى حيلته ليبنى عليه جامعاً أو معهداً أزهرياً لقريته وعندما تطلب من نفس الشخص تبرعاً عشرة جنيهات لبناء وحدة صحية أو تطوير مدرسة تجده يزوغ ويتعلل بضيق ذات اليد، الكثيرون ممن بنوا زوايا أسفل عماراتهم كانوا يريدون الاستفادة من الإعفاءات ومن تخفيضات المياه والكهرباء تحت شعار (الزاوية دى بيت ربنا)، هذا الشعار كان يقوله مالك العمارة للضرائب لكنه بعيداً عن التعامل مع الضرائب حين يتعامل مع السكان يمارس أقسى أنواع السادية وخراب الذمة وقلة الضمير!، أما زوايا المؤسسات والهيئات الحكومية التى فى كل دور وأمام كل سلم فإنها لم تنعكس بمثقال ذرة على سلوكيات الموظفين الكسالى والموظفات المتجهمات والسعاة المرتشين!، ألم يحن الوقت لنفكر خارج الصندوق ونستغل كل هذا الكم من المساجد العظيمة للارتقاء الروحى والجسدى والنفسى والعقلى للمسلمين، وبجانب الصلاة وهى مهمة أصلية وأصيلة للمساجد تكون هناك مهام أخرى تصب فى نفس المصب الروحى والأخلاقى، وعندما يصرخ معترض بأن المساجد للصلاة فقط، أرد عليه قائلاً اشمعنى بتعمل مستوصف وسمحت بعيادات للكشف فى الجامع وترفض أن يكون هناك مسرح أو جيم (صالة ألعاب رياضية وتمرينات لياقة بدنية)!!، هل لأن المستوصف أو المركز الطبى يمنحك مكاسب سياسية أثناء الانتخابات ويؤهلك للسيطرة على الشارع؟، إنه السبب الحقيقى وراء لجوء كثير من المساجد التى يسيطر عليها السلفيون والإخوان لإنشاء مستوصفات، أليس المسرح ارتقاء بالروح والنفس؟، أليس «الجيم» لتشكيل جسد سليم صحى؟، هل نزل نص صريح سماوى بشكل المسجد وتكوينه وطريقة بنائه؟، طبعاً سنسمع هجوماً وسباباً وشتيمة وتكفيراً من قبيل واغوثاه يريدونها دعارة وفجوراً وفسقاً، الحقونا سيحولون المساجد لكباريهات.... الخ، نفس الطريقة الممجوجة المملة فى الهجوم عندما نتحدث عن النقاب تجدهم يصرخون عايزين الستات يمشوا عرايا فى الشوارع!!، عندما تذكر حرية العقيدة تجدهم يجعرون بأعلى طبقة وتون فى الحنجرة هؤلاء الملاحدة يريدون حرق المصحف وتزويج الرجال من بعضهم ونشر الشذوذ!!.... الى آخر هذه المغالطات من مدمنى الكذب وسماسرة الدين، السؤال أليست قراءة الشيخ عبدالباسط ومحمد رفعت للقرآن هى مزج لفن الموسيقى والمقامات بالتلاوة؟، إنه الدين عندما يتشرب بإيقاع الفن وإنه الفن عندما يصطبغ بروحانية الدين، أليس أداء الشيخ الشعراوى المؤثر ووصوله إلى قلوب الناس بسرعة وقوة، أليس هذا بسبب الأداء المتشبع بروح المسرح؟، فالكثير من قبله كانوا يتحدثون بنفس كلامه وربما أقوى ولكنهم كانوا أصحاب إيقاع واقع فى الكلام «مونوتون» يثير النوم، لذلك كانت قوة الأداء المسرحى جسراً لنجاحه، إن دعوتنا للمسرح ليست دعوة إلى البورنو!!، ودعوتنا إلى الجيم ليست دعوة للبلطجة!!، لكنها دعوة لمجتمع جديد يفكر بطريقة جديدة ومختلفة.