«قصوا شفايف عبدالحليم»!! هكذا صرخ الإعلامى الصديق محمود التميمى وهو يستمع إلى أغنية «أول مرة» للعندليب من إذاعة الأغانى، كان يدندن هو وأسرته مع الأغنية التى يحفظ كلماتها كل المصريين والعرب ففوجئ بأن إذاعة الأغانى الموقرة قد حذفت مقطع «لسه شفايفى شايله سلامك شايله أمارة حبك ليا»!!، رئيسة إذاعة الأغانى المبجلة أحست بالقشعريرة وزيادة ضربات القلب واتساع الحدقة وغزارة العرق عندما ضبطت «حليم» متلبساً باستخدام شفايفه فى المراسلات الغرامية، واعتبرت أن هذا إفشاء لأسرار الأمن القومى!، اجتمعت رئيسة إذاعة الأغانى الفرعية مع رئيسة الإذاعة الأصلية وقررتا حفاظاً على سمعة مصر واطمئناناً على أخلاق شبابها المعقم تعقيم كل الأغانى من الشفايف والخدود وباقى الأعضاء الحساسة التى تثير الغرائز المكبوتة للمراهقين المصريين، وصدر الفرمان الإذاعى مشتملاً على عدة قرارات منها إخصاء موسيقار الأجيال وختان كوكب الشرق، مع الاكتفاء بقصقصة شفايف «عبدالحليم» مراعاة لظروفه الصحية!!، بالطبع لن تكتفى الإذاعة بتلك الفرمانات، فما زال «عبدالحليم» ينتظره الويل والثبور وعظائم الأمور لأنه تجرأ وتناول الحضن فى أغانيه وهذا رجس من عمل الشيطان وفسق من الشعراء الكفرة، لم يكتف «عبدالحليم» بحضن واحد، بل تجرأ إلى حد الردة وغنى لأحضان الحبايب مجتمعة!!، أما الشعر المكشوف فقد أفاض المذكور فى التغنى له والتغزل فيه بشكل مثير لدرجة أنه قد ذكر نسيج الشعر وأناتومى الخصلات وفسيولوجى البصيلات التى أمرنا بسترها فقال الشعر الحرير بل وصلت به الجرأة والبجاحة أن غنى للشعر وهو يتحرك ووصفه بالكلمة المثيرة المهيجة للمشاعر «يهفهف»، تخيلوا الشعر بيهفهف ويرجع يطير؟!، واغوثاه أنقذونا من الأورجازم الغنائى!!، لذلك قررت رئيسة الإذاعة تحجيب مريم فخر الدين وإجبارها على ارتداء الطرحة حتى ولو كانت جثة!!، تعرض «عبدالحليم» قبل ذلك للتفتيش فى نيته والنبش فى ضميره ومعتقداته الدينية وقياس درجة قوة إيمانه بواسطة ترمومتر الأزهر، عندما قال «لا حاسلم بالمكتوب ولا حارضى أبات مغلوب»، قامت الدنيا ولم تقعد وتساءل شيوخ الأزهر كيف لا يسلم هذا المطرب بالمكتوب؟، كيف يتمرد على القدر؟، إنه الكفر البواح، وعندما غنى «قدر أحمق الخطى سحقت هامتى خطاه»، وبرغم أنه هنا اعترف بالقدر اعترافاً كاملاً لدرجة أن هامته قد سحقت بفعل وتأثير خطواته، فإن هذا لم يرض الأزهر أيضاً فقرر الهجوم وطلب الشيخ الغزالى تغيير المقطع إلى قدر أحكم الخطى، عدل «الغزالى» على شعر كامل الشناوى فى قصيدة «لست قلبى»، كما عدل على أدب نجيب محفوظ فى رواية «أولاد حارتنا» التى ظل يعدل فيها حتى صادرها فضيلته!، فطلاب المصادرة كما تعرفون يفهمون ويفتون فى كل شىء من الحيض والنفاس والتنميص وشئون الترب إلى الرواية والشعر والباليه وشئون الطرب!، وعندما غنى «حليم» فى مشهد تمثيلى لشخص ضائع هائم على وجهه بعد اكتشاف أنه لقيط لا يعرف أباه ولا أمه، وكان مناسباً لهذا المشهد غناء «جئت لا أعلم من أين»، انتفض الشيوخ كيف لا تعرف يا فاسق يا فاجر يا كافر من أين جئت؟، أتنكر وجود الله يا ملحد يا زنديق؟!!، وبالطبع تم حساب عبدالحليم شبانة وليس «عبدالحليم» شخصية الفيلم التائهة، الشيوخ الذين هاجموا «عبدالحليم» كانوا هم نفس الشيوخ الذين هربوا حين انطلق القطار على شاشة السينما وظلوا يصرخون مذعورين من خروجه واستكمال رحلته فى الصالة بين مقاعد المتفرجين!، يا ترى هل ما زالت رئيسة الإذاعة تخشى دخول السينما خوفاً من حوادث القطارات؟!.