انهيار ماسبيرو وتراجع دور وتأثير تليفزيون الدولة ليس مجرد مشكلة تهم الموظفين العاملين بهذا المبنى المطل على النيل فقط ولكنها مشكلة تهم وتشغل بال شعب مصر كله الذى لديه من الهموم والمشاكل التى لا يهتم بها الإعلام الخاص الكثير والكثير، وأيضاً هو مشكلة تهم الدولة التى باتت لا تملك لساناً إعلامياً قوياً يعبر عنها ويبنى جسراً بينها وبين الناس لدرجة أن رئيس الدولة أصبح يدق أبواب الفضائيات المشفرة ليوصل رسائله إلى مواطنى مصر المحروسة!! لهذه الأسباب وغيرها فإننى تلقيت خبر اختيار الإعلامية صفاء حجازى لرئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون باهتمام ولم أعتبره مجرد خبر عابر لترقى وظيفى من درجة وكيل وزارة إلى درجة وزير أو ما يقابل الوزير، لذلك يجب أن نتكاتف جميعاً من أجل إنجاح تجربة استعادة ماسبيرو من براثن الإهمال واللامبالاة، علينا دور النصيحة وتقديم المقترحات وعلى رئيسة الاتحاد الجديدة المناقشة وعقد جلسات الحوار والتفاعل مع نبض الناس والبعد عن الغرق فى تفاصيل وظيفية تخنق أى إبداع والتركيز على الرؤية الشاملة الاستراتيجية لكى نستطيع النهوض حقاً بالإعلام المصرى، مطلوب من الإعلامية صفاء حجازى أن تكون رئيس الاتحاد وليس رئيس شئون العاملين أو رئيس قلم أرشيف الموظفين أو رئيس مباحث التليفزيون، فالمنصب أكبر من هذه الفتات، والمهمة أصعب وأخطر من تلك الوظائف، من منطلق هذا الرؤية ولتحقيق تلك المهمة مطلوب الآتى: رئيس الاتحاد المسئول عن الإعلام المصرى لا يجب أن يحصر ويختزل فى حجرة أو حتى دور فى مبنى ماسبيرو، بل لا بد لكى يكون مؤثراً ومتفرداً وفى هارمونى مع الدولة والحكومة ولا أقول فى خنوع وانسحاق، لكى يتحقق الجسر الإعلامى ما بين الحكومة والناس لا بد أن تحضر اجتماعات الحكومة من آن إلى آخر حتى تتفهم كواليس القرارات ودوافعها وآثارها وأعراضها الجانبية وتعرض رؤيتها الإعلامية لهذه القرارات، مهم جداً أن يكون رئيس الاتحاد فى مطبخ صناعة القرار وليس مجرد تنفيذ الفرمانات العليا. هناك توجس من سيطرة فكر الأخبار لأن صفاء حجازى من خلفية قطاع الأخبار، وأعتقد أنها أذكى من أن تقع فى هذا الفخ، فهى لا بد أن تعرف أن التليفزيون الناجح برامج وليس نشرات أخبار برغم أهميتها، عمود الخيمة الأساسى هو البرنامج وليس النشرة، يجب ألا تزحف برامج الأخبار على خريطة التليفزيون وتخنق البرامج. مهمة التصنيع الثقافى الثقيل هى مهمة تليفزيون الدولة ويجب أن تدعمها مؤسسة الرئاسة فى ذلك، البرامج الثقافية والبرامج العلمية وبرامج الأطفال التى لا يهتم بها الإعلام الخاص لأنها لا تجلب إعلانات الزيت والسمنة، يجب أن تكون من أولويات تليفزيون ماسبيرو. رأى الأكاديميين مهم لكن الأهم منه رأى الخبراء الذين أعطوا هذا المبنى عصارة فكرهم وخبرتهم، الواقع والاشتباك معه شىء وكتابة الكتب عن التليفزيون وقواعده شىء آخر، علينا الاقتناع بأن قراءة ألف كتاب عن السباحة لن تعلمك العوم. العمل الإعلامى عمل إبداعى وهناك فروق فى المواهب ومساواة الجميع فى المرتبات جعل أرباع المواهب مسيطرين وأصحاب الخيال والموهبة محبطين مهاجرين معتزلين، الإعلامى ليس موظف أرشيف يمسك بدفاتر الحضور والانصراف إنما هو فنان وطاقة وفكر وإبداع ولا يمكن أن نحوله إلى مجرد فرد فى طابور الخزنة.