مع احترامى الكامل لمداخلات الرئيس التليفزيونية، التى لها دلالات جيدة على أنه متفاعل مع نبض الناس واهتماماتهم، فلقد شد انتباهى أن قضايا سجن المثقفين وسيف قانون ازدراء الأديان وقضايا الحسبة لم تكن من ضمن هذه التليفونات والمداخلات ولو حتى بميسد كوول!! بالرغم من أن اعتصام المثقفين كان الشرارة الأولى لثلاثين يونيو، المداخلة الأخيرة كانت شرارتها الألتراس وما حدث فى استاد مختار التتش، والسؤال هل لا بد أن يكون المثقف طويل اللسان يسب بالأم ويشتم الناس ويطالب بالإعدام ويخوض فى الأعراض ويقطع الطرق ويحرق وزارة الثقافة والأوبرا، كما أحرق الألتراس اتحاد الكرة ونادى شرطة الجزيرة!!.. إلخ، حتى تهتم به الدولة ويتصل الرئيس بمداخلة لطمأنته وطلب الاجتماع به وبرفاقه بعد أن تم إلغاء تقليد لقاء الرئيس بهم فى معرض الكتاب؟!!، هل السماعة لا ترفع إلا نتيجة ضجيج وضوضاء، بل وللأسف لقاء بلطجة ولوى دراع وفرض أمر واقع، سيادة الرئيس صدقنى، الفنان الحقيقى لا يحفظ قاموس سب الأم والأب، والشاعر لا يتقن الذبح ويصيبه الدم بالغثيان، والموسيقار لا يلعب الكرة بجماجم الموتى، مثل الدواعش، والمبدع يخاصم رياضة المصارعة، والمثقف لا يستخدم أحباله الصوتية فى شنق الآخر، وهل لتلك الأسباب لا أحد يستمع إليهم فى زمن لم يعد يحترم إلا فتونة العضلات وصراخ الحناجر؟!، الرئيس دوماً يتحدث عن أهمية القوة الناعمة، فهل النعومة مرادف عدم التأثير وقرين عدم الاهتمام؟، صم الآذان عن الاستماع إلى المثقف سيصيب المجتمع كله بالخرس، ويدفع الوطن بالتدريج إلى تعليق لافتة هنا الوطن الأبكم، غض الطرف وإغلاق العين عن هؤلاء بدعوى أنهم أفندية أراذل، كما كان يطلق عليهم السادات، التعامل مع المثقفين بنظرية مقاولى الأنفار الذين يجمعون عمال التراحيل من المثقفين وقت الحاجة لجمع القطن وتخليصه من اللطع، ثم عند انتهاء المهمة يتم اغتصابهم لو اشتهوا جدر بطاطا، فما بالك لو طمعوا فى الفدان!!، الدولة تتعامل مع المثقفين مثلما تعامل المجتمع مع عزيزة بطلة رواية «الحرام»، التى ماتت أثناء المخاض بحمى النفاس، والظاهر أن هذا المخاض الوطنى بعد الثورة قرر أن يغتال المثقف بحمى اللا إحساس وعدم الحماس وليس حمى النفاس!، كأن هذا المثقف أو المفكر أو المبدع شبح لا تراه الدولة إلا فى الريسبشانات وحفلات الردنجوت ورابطة العنق!!، إن لم تحافظ الدولة على المثقف المحب والعاشق لتراب هذا الوطن والمحافظ على هويته سيظل اللجوء إلى قبيلة الوهابيين قائماً، تلجأ إليهم الدولة وترتمى فى أحضانهم لحل مشكلة طرد أقباط أو حرق كنيسة أو رفض محافظ مسيحى فى قنا أو حتى حصول امرأة من الصعيد على ميراثها الشرعى فى الأرض!!، يا دولة مصر المحروسة، يا عمال سويتش سنترال الرياسة، هل لا بد أن يتحول المفكر إلى «كابو» عشان تسجلوا رقم تليفونه ويكلمه البرايفت نمبر؟!.