وصلتنى رسالة من د. فتحى مقلدى، أستاذ القلب وعميد كلية طب قناة السويس السابق، معلقاً على ما كتبته عن حال التعليم الطبى فى مصر، رسالة د. مقلدى لها أهمية خاصة، لأنه من ضمن فريق كلية طب متفردة شارك فى تأسيسها وآمن بمنهجها لذلك لا بد من قراءة رأيه باهتمام وتأمل، يقول د. مقلدى فى رسالته: «أود أن أشكركم فى البداية على اهتمامكم بقضية التعليم الطبى وأشارككم الرأى أنه فى خطر، حيث إن تطوير التعليم الطبى لا ينعكس أثره على التعليم الجامعى فحسب كبقية الفروع وإنما يمتد تأثيره على صحة الإنسان المصرى، ومن ثم تقدم البلاد ونهضتها. وحيث إن زامر الحى لا يطرب، كما يقولون، فلا بأس من التذكير بأن مصر كانت من أوائل الدول فى العالم -ممثلة فى جامعة قناة السويس- فى تطوير التعليم الطبى، وحينما بدأت حركة التطوير كانت هناك 6 كليات على مستوى العالم بدأت هذا المجهود وذلك الفكر الجديد، منها جامعة ماكمستر فى كندا، وكلية طب ماسترخت فى هولندا، وطب قناة السويس فى مصر، وكان فى ذلك الحين مطلباً ملحاً لقادة التعليم الطبى فى الجامعات المصرية تبناه الرائدان العظيمان د. زهير نعمان، د. عصمت عزت، ومعهما مجموعة صغيرة ظلوا 4 سنوات يخططون ويدرسون للنظام الجديد الذى يرتكز على محورين أساسيين هما: المحور الأول: التعلم بأسلوب حل المشاكل الذى يعتمد على: - دراسة المنهج على هيئة مشاكل صحية كما يراها الطبيب حين التخرج فى حياته العملية، ويهدف هذا النوع من التعلم إلى تكامل العلوم الطبية أفقياً ورأسياً، فليس من المفيد كما هو الحادث فى البرامج التقليدية، دراسة التشريح مثلاً فى السنوات الأولى، ثم دراسة الجراحة والعظام فى السنة الخامسة إنما يتيح هذا المنظور من تكامل العلوم الأساسية مع العلوم الإكلينيكية مما يعطى للدارس خبرة الحياة العملية حينما يراها عند الممارسة. هذا بالإضافة إلى بعد آخر مهم أنه يحفز الطالب على التفكير بتحديد المشكلة ووضع الفروض والتحليل واختيار الفروض والعمل على حل المشاكل علمياً كفريق متكامل من الطلاب ومجموعات لا تزيد على عشرة طلاب، وهذا النوع من التعلم قضى على مسألة التلقين بالمحاضرة، وإنما التنوع فى مصادر المعرفة وبالتالى ليس هناك كتاب واحد وبذاك قضى تماماً على الدروس الخصوصية التى أصابت التعليم الجامعى فى مقتل ونمى مهارة التعلم الذاتى عند الطالب. - بدأ تعلم المهارات الإكلينيكية وتجهيز الطالب للممارسة العملية مبكراً من السنة الأولى بالاحتكاك بالمريض، وقد يسأل السائل، وله الحق فى سؤاله، كيف لطالب أتى من المرحلة الثانوية ليتعامل مع مريض، فتقول له: إن لدينا فى الممارسة الطبية مهارة هامة جداً وهى مهارات الاتصال Communication Skill أى أخذ التاريخ المرضى من المريض الذى يمثل حجر الزاوية فى التشخيص، فيتعلم كيف يتعامل مع سيدة حامل ومريض فى سن المراهقة ومع الرجل الكبير، وغير ذلك. المحور الثانى: هو التعلم المرتكز على المجتمع - حيث إن الطالب يقضى جزءاً كبيراً من تعلمه فى الوحدات الصحية -حضرية وريفية- وليس فقط فى المستشفى الجامعى وذلك بما يحاكى عمله عند تخرجه، فيتعرف على إمكانيات الوحدات الصحية وعلى الأمراض الشائعة فى المجتمع إذ إن أكثر من 70% من الخريجين يعملون فى هذه الوحدات التى لم يروها فى حياتهم الدراسية. بالإضافة إلى ذلك اهتم هذا النظام بالسلوكيات، فأدرج ذلك فى استمارة تقييم الطالب (كيف يخدم المريض - كيف يقدم نفسه له وكيف يعامله كإنسان وليس كحالة مرضية). وإن كنا لم نوفق كثيراً فى نشر هذا النظام من التعليم الطبى فى مصر لأسباب يطول شرحها فإن لها انعكاسات كبيرة فى المنطقة - فى السعودية والأردن والبحرين واليمن وليبيا وغيرها. كلنا أمل فى مصر الجديدة أن ينال التعليم الطبى حظه من التطوير والتحديث لما لذلك من انعكاسات إيجابية على تقدم البلاد».