وائل الإبراشى أفضل محقق صحفى فى جيله على المستوى المهنى، وأكثرهم تصالحاً مع نفسه على المستوى الإنسانى، اقتربت منه وأنا أخطو خطواتى الأولى فى عالم الكتابة الصحفية فى «روزاليوسف» عندما فتح عادل حمودة أبواب النجاح والانطلاق لجيل شاب يحتل الآن معظم مواقع القيادة فى الجرائد والمجلات المصرية، وجدت شاباً هادئاً متأملاً، صمته أكثر وأبلغ من كلامه، لا يميل للثرثرة، من الممكن للوهلة الأولى أن تصفه بالكسل،

لكن تحت هذا القناع الهادئ الأليف الوديع يسكن بركان صحفى هادر يباغتك بالحمم والسبق والانفرادات والخبطات الصحفية من حيث لا تدرى ولا تتوقع، وقضية لوسى آرتين ليست بالبعيدة عن الأذهان حين هز عروش الكبار وخاض حقول الألغام، وبات رأسه مطلوباً من الشرق والغرب، كان يستقبل ردود فعل هذه التحقيقات الصحفية المتفردة المتمردة دون غرور أو نرجسية، بل كان يستقبلها وهو يعد ويخطط لتحقيق صحفى أكثر تميزاً، فهو سريعاً ما يطوى الصفحة ليرسم أخرى بإبداع أكثر ومهنية أرقى وحرفية أذكى وأمهر.

المصداقية من خلال الوثائق كانت أهم ما يميز «وائل»، يصبر كصياد السمك حتى تصله الوثائق والمستندات، لا يغريه السبق ولا يسيل لعابه للفرقعة والإثارة بل يفضل أن يقدم الطبخة الصحفية مسبكة وغير مسلوقة، حتى وإن لم يهضمها كبار المسؤولين، عملت معه فى جريدة «صوت الأمة» وتركتها حين تركها، وأشهد أنه لم يشطب كلمة واحدة مما أكتب بل كان يتركنى قائلاً «إنت رئيس تحرير صفحتك»، حتى العناوين الجانبية كنت أقوم بصياغتها وهى غالباً مهمة التحرير، ورطته بمقالاتى فى معارك كثيرة وقفنا بسببها أمام القضاء، ولكنه دوماً كان يقابل هذه المطاردات والبلاغات بابتسامته المعهودة المختلطة بلغة الراء المحببة إلى أذنى حين يقول «ضيعتنا يا دكتوغ»!!.

نقل وائل الإبراشى التحقيق الصحفى الساخن الموثق إلى التليفزيون مع هالة سرحان أولاً، ثم تألق حين انفرد به مذيعاً ومعداً فى برنامجه المميز «الحقيقة»، الذى نجح فى أن يجتذب الجمهور بالجهد الصادق غير المغرض للبحث عن الحقيقة المجردة وليست الحقيقة الملونة المبهجة كما يريدها المسؤول، وأيضاً ليست الحقيقة المداعبة المتمناة المهيجة المثيرة كما يريدها رجل الشارع، وإنما الحقيقة كما هى دون رتوش أو ماكياج،

نجح وائل الإبراشى فى برنامجه على قناة «دريم» بأن يصبح متفرداً لا يقلد أحداً، ليس شبه برنامج آخر، قضاياه دائماً طازجة وتناولها مختلف بالرغم من أنه برنامج مسجل وليس على الهواء، يتميز بلقطاته الذكية وعينه الراصدة المتوقعة التى يستحق عليها لقب أفضل مخبر صحفى، ولكن دون بالطو أصفر صوف وعصا وجورنال مخروم!.

أخيراً هل عرفت سيدى الوزير المحترم يوسف بطرس غالى من هو وائل الإبراشى؟، إنه صاحب السبق لا السوابق، إنه نموذج يستحق أن تحبه وتحترمه قدر حبك للضريبة العقارية!.