الحوار الوطنى الذى نتمنى له كل النجاح والتوفيق رئة تنفس جديدة ونافذة إطلالة مختلفة وتفاعل صحى خلاق، وبالطبع لا بد أن تكون السياسة ويكون الاقتصاد على رأس أولويات هذا الحوار، آليات الانتخاب والاختيار ما بين الاقتصاد الحر وآليات السوق وما بين ضبطه بتدخل الدولة.. إلخ، ولكن هناك جانباً يجب أن يكون مظلة للسياسة والاقتصاد، وبدونه يصبح الجهد المبذول فى تصحيح مسار هذا أو ذاك هباءً منثوراً، ألا وهو التفكير العلمى النقدى الذى بدونه لا ينضبط أى جهد سياسى أو اقتصادى، وأيضاً لو حدث إنجاز من الممكن أن يتبخّر إذا تركته فى أيدى أصحابها ينقصهم التفكير العلمى النقدى، من الممكن أن تقترح وتضع خطة هائلة للتطوير الصحى فى الحوار الوطنى، ولكن عند التطبيق تُفاجأ بأن أغلبية الشارع تتبنى فكراً خرافياً فى الطب وتطبّق أساليب غير صحية، فتهدر كل ما فعلت، تُخطط للسياحة، ثم تجد أن هناك من يكره تماثيل المصريين القدماء، ولا يعمل عقله أن زمن الأصنام قد ولى.التفكير العلمى النقدى يبدأ بالسؤال، وتربية السؤال والشك والفضول تبدأ فى المدرسة، إذا تبنينا التلقين كسياسة تعليم والحفظ كمعيار تقييم، فنكون قد اغتلنا هذا التفكير العلمى النقدى، لا بد أن نتعلم أنه لا يزال هناك مجهول، وأن كل شىء مطروح للنقد والتشريح على الطاولة، والإعلام كذلك لا بد أن يقدم برامج تحفّز على هذا النوع من التفكير العلمى المغربل للأفكار.وإذا كنا نشكو من تأثير الشائعات وسهولة تصديقها، فإن الحل الوحيد فى تنمية هذا النوع من التفكير، فهو السلاح الوحيد القادر على وأد تلك الشائعات فى مهدها، السؤال وعلامة الاستفهام والشك هى الأسلحة الأكثر حسماً فى حرب الشائعات، أتمنى أن يفتح الحوار الوطنى باباً لمناقشة تلك النقطة، التى ستجعل لبقية الحوارات مرجعاً ومرتكزاً وحماية من الإهدار والتبخّر.