سياسة «صفر كوفيد» التى تتبعها الصين لم يستطع تحملها الشعب هناك، وخرج فى احتجاجات ضخمة لم تحدث منذ زمن طويل فى هذا البلد العملاق الأصفر المعروف بقبضته الحديدية التى لا تعرف المساومة ولا الطبطبة، لا يمكن أن يتحمل شعب، مهما كانت قوة الأمن وسيطرة الخوف، عزلاً مائة يوم وأكثر، المواطن لا يخرج من بيته، مع مسحات بى سى آر يومية، مثلما حدث فى بعض مقاطعات الصين مؤخراً، وقد اندلع الغضب على وسائل التواصل الاجتماعى بعد وفاة رضيع يبلغ من العمر أربعة أشهر فى مدينة تشنجتشو بوسط البلاد، بعد أن فشل فى تلقى العلاج أثناء وجوده فى الحجر الصحى، وفى حادثة أخرى، توفى طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات فى مدينة لانتشو بسبب تسمم بأول أكسيد الكربون بعد أن منعته القيود الحكومية من الانتقال إلى المستشفى فى الوقت المناسب.ووفقاً لتقارير الحكومة المحلية، حاول والد الصبى الاتصال بخط ساخن أربع مرات، ولكن عندما تلقى رداً فى النهاية، قيل له إن الاستشارة الطبية ممكنة فقط عبر الإنترنت لأن الأسرة تعيش فى «منطقة شديدة الخطورة».مثلاً فى مدينة قوانجتشو، جنوب شرقى البلاد، علقت منطقة هايتشو خدمة الحافلات ومترو الأنفاق لمدة ثلاثة أيام، وحثت السكان على البقاء فى منازلهم أثناء إجراء اختبارات جماعية لسكانها البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة.ويسمح لشخص واحد من كل أسرة بالخروج كل يوم للتسوق من أجل الضروريات، فى العديد من المدن بقى ملايين الأشخاص محصورين فى منازلهم، وصدرت أوامر للشركات التجارية بتعيين موظفين يعملون من المنزل، بينما تم إغلاق الحدائق والمتاحف، لا بد أن نعترف بـ«كوفيد» ونتعامل معه بشكل جديد على أنه يتحول رويداً رويداً من وباء إلى مرض متوطن، سيتحور كل فترة مثل الإنفلونزا، وننتج له لقاحات جديدة وهكذا، وإهمال العامل النفسى فى تعامل الحكومات مع المواطنين والعالم يواجه «كوفيد» هو انتحار سياسى واقتصادى واجتماعى، فوضع المواطنين فى أقفاص بالأمر لم يعد مجدياً، الوباء خفت حدته، نعم ما زال موجوداً، لكن بشكل أقل خطورة، ممكن أن تفرض الكمامات فى بعض الأماكن العامة، لكن ما تفعله الصين كان مبالغاً فيه، والشعار نفسه «صفر كوفيد» هو حلم مستحيل تماماً، ووسواس مدمر للحكومة والمواطن، واختناق سيدفع ثمنه الجميع.