تشرفت بحضور توقيع بروتوكول الشراكة بين وزارة الهجرة ومؤسسة شيزلونج، عماد الشراكة هو تشجيع أولادنا فى الخارج للحديث عن مشكلاتهم النفسية لأطباء نفسيين مصريين، وباستخدام أسماء مختلفة عن أسمائهم الحقيقية، المشكلات سواء تنمر أو عدم تكيف أو بدايات مرض نفسى.. إلخ، مبادرة رائعة وشراكة ذكية وخطوة فى منتهى الأهمية، فالغربة لا نريدها اغتراباً، والهجرة إلى الخارج لن نحولها إلى هجرة إلى الداخل، المبادرة اسمها «اتكلم ما تخافش»، ومن أين يأتى الخوف؟ يأتى من وصمة المرض النفسى التى يحملها معه الطالب المهاجر، هو يسافر وبداخله ثقافة رفض الاعتراف بالمرض النفسى، فمجتمعه يصف المريض النفسى بالمجنون، وكلمة الجنون لا مكان لها فى الطب النفسى كما يذكر دائماً أستاذنا د. أحمد عكاشة، هذا الطالب قادم من مجتمعٍ الطبيب النفسى فيه هو آخر مَن تتم استشارته، فهناك ٩٩ مليون مفتى طب نفسى فى مصر، الطالب محمل بأفكار وبديهيات مغلوطة عن أن المرض النفسى يذهب بمجرد الفضفضة، أو أن الطقوس الدينية تعالج الذهان والعصاب والوسواس القهرى والاكتئاب الجسيم والشيزوفرينيا.. إلخ، وأن المنتحر من الاكتئاب كافر ومنبوذ، وقد قال لى د. أحمد عكاشة فى لقاء أخير إن الإعلام المرئى والمقروء أساء لصورة المريض النفسانى فى الإعلام، وما كان يراه الناس فى السينما والمسلسلات لا يعبِّر عن حقيقة المريض النفسانى، بل معظمها تصورات خاطئة، وكلنا مرضى عقليون لمدة ساعتين يومياً، فالأحلام عبارة عن هلاوس وخيالات وضلالات، 90 دقيقة من النوم الحالم تتناوب مع ساعتين من النوم غير الحالم، فالمرض النفسى الذهانى ما هو إلا زحف الأحلام والخيالات إلى اليقظة.كما أن هناك بعض الاعتقادات الخاطئة، من بينها أن المريض النفسانى لا يُشفى. والحقيقة: هى أن الفصام ليس مرضاً يتدهور بصفة مستمرة، لأن هناك نسبة كبيرة تشفى منه مع العلاج، كما أن الاعتقاد أن فشل الأهل فى التربية والتنشئة يسبب المرض النفسانى، والحقيقة: هى أن الأطباء النفسانيين منذ زمن فرويد والتحليل النفسانى وكذلك علماء النفس والاجتماع قد اعتبروا الأسرة الركيزة الأساسية فى تكوين شخصية الإنسان الفرد وما قد تعانيه المرض النفسانى -واهتم الكثيرون بالأسرة لتوضيح القوى المحركة لإحداث المرض- وبالرغم مما بُذل من الجهود فى هذا الصدد، لا يوجد دليل على أن الجو الأسرى أو سوء أو فشل الأهل فى التربية يسبب المرض النفسانى، والاعتقاد الخاطئ أن الاضطراب النفسانى مرض معدٍ ليس صحيحاً، أو أن معظم مَن يعانون الاضطراب النفسانى غير قادرين على العمل أو الزواج أو الحصول على بطولات، وهناك اعتقاد خاطئ أن الصالحين والأتقياء لا يمكن أن يصيبهم المرض النفسانى نظراً لما يعتقده الكثيرون من أن الفصام إنما يُعزى فقط لتسلُّط الشيطان على ضعاف الإيمان، والحقيقة هى أن الفصام مرض عضوى فى المخ، مثله مثل بقية الأمراض التى تصيب أعضاء الجسم كأمراض القلب أو الشرايين أو المعدة أو الكلى أو العضلات أو العيون أو السكر وأنه يعالج كما تعالج هذه الأمراض بالأدوية المناسبة.وأكد الدكتور أحمد عكاشة أن نصفاً فى المائة فقط من المرضى النفسانيين هم مَن يحتاجون إلى الدخول إلى المستشفيات لتلقِّى العلاج، بينما 99٫5% يمكن علاجهم من خلال العيادات الخارجية، فيما لا يذهب من المرضى إلى الطبيب النفسانى عالمياً من المرضى سوى 3% فقط من المصابين الفعليين، وهذا الرقم يجب أن يتغير ويرتفع لفائدة المرضى والمجتمع والدول.