وصلتنى، على بريدى الإلكترونى بعد نشر مقال «السبت من أجل الإنسان»، رسائل كثيرة معظمها من أقباط يرفضون فيها أى مناقشة للزواج المدنى، ويفهمون المقال ويترجمونه على أنه دعوة للطلاق والزواج الثانى رغبة منى فى فتح الباب على البحرى أو حباً منى فى الطلاق!، أنا لست داعية طلاق وإنما أنا إنسان واقعى يعترف بأن هناك مشاكل زوجية خطيرة ومدمرة لا يستطيع الزوجان احتمالها والصبر عليها ولا حل لها إلا بالانفصال أو الانتحار،

وبأننا نتعامل مع بشر لا ملائكة، ومقتنع بأن الدين لسعادة الإنسان لا لتعاسته، والنقاش مازال مفتوحاً، وسأقتبس رسالتين متعارضتين من شخصيتين قبطيتين محترمتين لقراءة كف العقل القبطى المعاصر، الأولى رسالة مختلفة النبرة من د. أشرف عدلى، أستاذ الجراحة، يقول فيها: «أنا من أشد دعاة الدولة المدنية، ولكن اسمح لى أن أختلف معك فى طرحك للقضية، ماذا لو وافقت الكنيسة القبطية على التصريح بالزواج الثانى، هل هذا يعنى وصولنا للدولة المدنية؟

بالطبع لا لأن هذا سيكرس مفهوم أنه لا زواج إلا من خلال المؤسسة الدينية وهذا ينسف مبدأ الدولة المدنية من أساسه، بالنسبة لأوروبا لم يطالب دعاة الدولة المدنية الكنيسة الكاثوليكية مثلاً بتغيير معتقداتها، ولكن طالبوا بعدم إجبار الشعب على الرضوخ لهذه المعتقدات فلتقل الكنيسة ما تشاء وليفعل الشعب ما يشاء، من أراد مباركة الكنيسة لأفعاله فليفعل ومن لا يهتم بمباركة الكنيسة فله هذا، الحل الوحيد، من وجهة نظرى، هو السماح بالزواج المدنى ويكون هو الزواج الأساسى،

ومن يريد مباركة المؤسسة الدينية فليفعل هذا بحسب قوانين هذه المؤسسة وهذا سيؤدى بالتدريج إلى مراجعة المؤسسة الدينية آراءها عندما تجد كثيراً من الناس قد عزفوا عن الامتثال إلى قوانينها، الحل فى رأيى ليس بإجبار المؤسسة الدينية على تغيير مواقفها بقوة القانون بل السماح للشعب أن يتجاهل المؤسسة الدينية ويلجأ للدولة المدنية أى بالزواج المدنى».

الرسالة الثانية من رأفت جندى، رئيس تحرير «الأهرام الجديد» بكندا، يقول فيها: «الكنيسة لا تفرض ما تريده خارج أسوارها وليس بها قانون ردة، الذى يدخل بيتى عليه أن يخلع جزمته ولكنى لا أجرى وراء الناس فى الشارع لكى أجعلهم يسيرون دون حذاء، لا يستطيع قاض أن يحكم لأحد بأن يجعله يدخل بيتى دون أن يخلع حذاءه، حكم المحكمة الإدارية ليس مدنياً أو علمانياً ولكنه انتهاك لخصوصية وعقيدة الآخرين،

بينما المحكمة نفسها لا تحكم بتغيير بطاقة الذى يعتنق المسيحية أو حتى العائد لها، ففى الوقت الذى أنت تنادى فيه بفصل الدين عن السياسة تعود بنفسك وتبارك تدخل السياسة والقضاء فى الدين.. الإسلاميون يريدون إدخال الدين فى السياسة ورجال الدولة يريدون إدخال السياسة والقضاء فى المسيحية ولن يكون هذا، من الممكن لك أن تطالب بحق الزواج المدنى، ولكنك لا تستطيع أن تفرض مفاهيمك الخاصة على الكنيسة!».