أعلنت فنانة لم نشاهد لها عملاً فنياً منذ ربع قرن، أنها قد اعتزلت الفن وتفرغت للعبادة! والحقيقة أن الفن هو الذى تركها وتفرغ للجادين من أهله الذين يعشقون الفن حقيقة وليس أكل عيش، السؤال لماذا هذه المزايدات وتلك المعركة المفتعلة ما بين الفن والعبادة، أو الإبداع والدين، أنا لا أرى أى تناقض أو صراع، وأرى أن مثل تلك التصريحات هى بحث عن الضوء المفتقد، ومحاولة لاحتلال مساحة من الذاكرة فقدتها الفنانة نتيجة عدم حب حقيقى للفن، أحس أن موضة اعتزال الفن وتأثيمه وتكفيره، وتحجيب الفنانات، ووضع الفن فى صراع مفتعل مع الدين، هذه الموضة عادت بقوة فى إطار محاولات الفاشية الدينية للسيطرة على الوجدان المصرى، وإخلاء الساحة لجحافل غلاظ القلوب، قساة الروح للسيطرة على العقل المصرى والعربى، فها هو فنان أردنى غير معروف يخرج بفيديو يعلن فيه اعتزاله، ولم يعرفه الناس إلا بعد هذا الفيديو، وبعده ظهرت تصريحات لمطرب مصرى شهير سوبر ستار، أنه سيعتزل لأسباب دينية! وبعده فنانة خلعت الحجاب قريباً، خرجت علينا لتقول إنها ستعود إليه، وهناك فنانة شابة كانت قد شغلت الرأى العام بخلعها للحجاب وانفصالها عن زوجها الملتحى، ثم عادت لتعلن تحجبها ثانية والزواج من داعية شهير.. إلخ، عادت هذه الحملة بقوة بعد أن كانت قد خمدت، عادت لتذكرنا بأجواء الثمانينات حين قادها شيخ شهير قيل إنه كان السبب فى اعتزال الفنانة شادية، وداعية شاب وقتها كان ملء السمع والبصر وصار هو البوابة الملكية لاعتزال الفن، ودخل فى الهوجة إخوانى عتيد هو الداعية صفوت حجازى الذى كان قد أقنع فناناً شاباً بأن يدفع مائة ناقة تعويضاً لمن رفعت عليه قضية اعتراف بنسب ابنته.. إلخ، ما يحدث تحت السطح أعمق وأخطر من تلك الفقاعات، ما يحدث هو محاولة تكفير للفن وتأثيمه، ومحاولات الخصم من رصيد حب الفنان بتشويهه واغتياله معنوياً بالشائعات، وخلق حالة رعب وفزع عند أهل الفن من ضغوط السوشيال ميديا ولجان الشتائم والسباب والسفالات، الفن وهو أهم عنصر من عناصر القوة الناعمة يتعرض لمؤامرة مكتملة الأركان، خصم تلك القوة الناعمة بهذا الشكل الممنهج لن يصب إلا فى صالح ذوى الحس الغليظ من الأصوليين الفاشيين، الذين لن يهدأ لهم بال إلا عندما يرقصون على جثة الفن وأشلاء الوطن.