ما حدث على وسائل التواصل الاجتماعى من شماتة فى حريق فى قاعة مهرجان الجونة السينمائى، ليس مجرد ضغطات كيبورد عابرة أو مداعبات و«هزارات» قتل وقت فراغ، إنها عرض لمرض لا بد أن نتوقف عنده بالدرس والقراءة والتحليل، ولا أتفق مع من قال إنهم فئة قليلة وصوتها عالٍ، لا بالعكس هذا المزاج العصابى الشامت الشتام الكاره للفن والفنانين لدرجة تصل إلى الرهاب المرضى، هذا المزاج صار كاسحاً وأغلب ممثليه من الشباب للأسف، الشماتة نفسها تعكس خللاً نفسياً، فمابالك إذا اختلطت بالتطاول والسفالة والوضاعة والكلمات المنحطة والسباب الفاحش، وكأننا أمام طائفة من الزومبى الذين إذا لم يجدوا لحم البشر التهموا أنفسهم! كيف ونحن بلد سياحى نطمح إلى منافسة الإسبان والإمارات وفرنسا فى عدد السياح، أن تكون لدينا تلك العقليات الكارهة لقمة القوى الناعمة، الفن والفنان، نقرأ ونشاهد كيف صارت قوة الفن والثقافة هى أكبر بضاعة تصدرها كوريا الجنوبية التى صارت فى مصاف الدول الكبرى كتفاً بكتف، العقليات قبل الأهرامات يا سادة، السياحة مجتمع مسامه مفتوحة للفن وللآخر، أفراد لا شماتة لديهم ولا كراهية ولا رهاب، الهجوم على بقعة سياحية مثل الجونة لأنها تحتضن مهرجاناً سينمائياً عالمياً هو كارثة تدل على اضطراب ورؤية قاصرة ممن لديه كل هذا الغل والسواد والقبح الداخلى ويتحمس لكتابة مثل هذه النفايات على صفحته، كراهية الفن هى كراهية الحياة، من يكره الرسم والنحت والموسيقى والسينما والمسرح هو مشروع انتحارى تكفيرى، عند أول فرصة سيتحول إلى لغم بشرى، من لا يتذوق الفن لن يتذوق البهجة ولا الفرحة ولا الإنسانية، للأسف شممنا كل الروائح الكريهة من بالوعات الشماتة التى طفحت على الفيس بوك وتويتر، شممنا رائحة الطائفية والعنصرية، شممنا رائحة الشهوانية والكبت، شممنا رائحة عفن التعامل مع المرأة كسلعة، شممنا رائحة الرعب من أن يسحب الفن البساط من تحت أقدام سماسرة الدين، والحمد لله أن سارعت إدارة المهرجان ببناء وإصلاح مكان الاحتفال بسرعة وحماس، فعاد أجمل مما كان، وأزهى مما تصورنا، وقد كان هذا أجمل رد على الشمتانين الشتامين.