قضية مراكز علاج الانسحاب من المخدرات «الديتوكس» قضية فى منتهى الخطورة بعد انتشار المراكز غير المرخصة وانتحار أحد الفنانين بعد الهروب من أحد تلك المراكز، فتحت القضية مع الطبيب النفسى د. إيهاب الخراط، وهو من أهم الخبراء فى هذا المجال فى مصر، وكانت هذه السلسلة هى حصيلة هذا الحوار: ما هى الضرورة الملحَّة لتوفير خدمات علاج أعراض الانسحاب؟ أكد سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى على ضرورة التعامل مع مشكلة تعاطى وإدمان المخدرات وتداعيات هذه المشكلة على الأمن القومى. وهناك مشكلة حقيقية فى ارتفاع عدد مراكز علاج أعراض الانسحاب غير المرخصة. الفهم الواقعى لأسباب انتشار هذه المراكز وطبيعة المشكلات المتعلقة بها هو أولى خطوات الحل الفعال. لأنه مع ضرورة المراقبة ودور مؤسسات إنفاذ القانون إلا أن المبدأ الأساسى للتعامل مع مثل هذه التحديات هو أن تطرد العملة الجيدة العملة الرديئة من السوق، لذا فتطوير اشتراطات تأسيس مراكز علاج أعراض انسحاب قائمة بذاتها تحت إشراف جهة طبية وقومية هو ضرورة مُلحة. تطوير قدرات جهات الإشراف وضمان سرعة الحصول على التراخيص اللازمة وفقاً للشروط العالمية هو قضية أمن قومى يمكن أن تدعم فيها إدارة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة مجهودات وزارة الصحة. ما هو حجم المشكلة؟ وهل هناك فجوة بين فرص العلاج والطلب عليه؟ أعلن الصندوق القومى لعلاج ومكافحة الإدمان عن وجود 6 ملايين مدمن و9 ملايين متعاطٍ فى مصر بنسبة 6% من تعداد السكان. وهى نسبة مماثلة للنسب العالمية. مثلاً فى الولايات المتحدة الأمريكية 2 مليون مدمن من أصل 327 مليون نسمة، أى بنسبة 6.4% من تعداد السكان وهى نسبة مقاربة للنسبة فى مصر. بينما أعلنت سيادة الوزيرة د. نيفين القباج مؤخراً عن وجود 6 آلاف موظف فى الجهاز الإدارى للدولة (الحكومة) طلبوا العلاج من الإدمان فى الفترة الوجيزة بعد فرض تحاليل المخدرات الإلزامية على كل موظفى الدولة. وعدد الأسرَّة المتاحة فى مستشفيات وزارة الصحة وعدد الأسرَّة المتاحة فى مراكز القطاع الخاص والهيئات الخيرية لا يستطيع مواجهة هذا الاحتياج المهول للعلاج. تشير الدراسات إلى أن 10% من المدمنين سيطلبون العلاج سنوياً إذا كان متاحاً (Lipan 2016) أى أن 600 ألف مدمن سيطلبون العلاج سنوياً. وعلى عكس الشائع ليست زيادة الجرعة هى أعلى سبب من أسباب الوفاة بسبب تعاطى المخدرات، بل هو الانتحار. 5% ممن يعانون من اضطراب استخدام المخدرات (إدمان المخدرات والكحول) سينتحرون و90% من الوفيات بسبب إدمان المخدرات والكحول تحدث بسبب الانتحار، بينما زيادة الجرعة تشكل 1% فقط من أسباب الوفاة. وقد تشكل الحوادث أو التصرفات غير المحسوبة أو الوفاة نتيجة أمراض تسبب فيها التعاطى مثل فشل وظائف الكبد أو الكلى أو الإيدز أو الالتهابات الأخرى. عموماً ترتفع نسبة الوفاة بسبب الأمراض والمضاعفات الجسمانية لسوء استخدام المواد المغيرة للحالة المزاجية عن المواطنين الذين لا يستخدمون هذه المواد. ومن جهة تحديات التنمية ومواجهة الفقر. تشير الدراسات الكبرى فى مصر إلى أن نسبة انتشار الإدمان بين الفقراء أعلى بكثير من نسبتها بين القادرين، والتقديرات أن كثيراً من مجهودات دعم الأسر الفقيرة تفشل لوجود متعاطى مخدرات بينهم. تقدر الدراسات أن كل دولار ينفق على العلاج الفعال للإدمان يوفر على الدولة 7 دولارات من الإنفاق على مكافحة الجريمة وعلى الصحة ومن فقدان ساعات العمل.. إلخ (Falco 1996).