فتاة تقرأ القرآن فى المؤتمر الوزارى الثامن لمنظمة التعاون الإسلامى، فتاة تقرأ القرآن فى الافتتاح وأمام الرئيس حدث له دلالة ورسالة لها مغزى، بصمة استنارة فى وسط أحداث وسلوكيات تريد الانتقاص من تاء التأنيث فى الشارع والجامعة، تحية كبيرة للبنت ولمن جعلها تصعد إلى المنصة وتقرأ القرآن أمام الحضور، قصة تلاوة القرآن بحناجر النساء قصة صراع بين تجمد وتصلب وتزمت من جهة ورحابة ومرونة وسماحة من جهة أخرى، صراع بين تيارين ما زال موجوداً حتى هذه اللحظة، تلك الحناجر واجهت الخناجر وكانت أشهر تلك المواجهات من نصيب كوكب الشرق أم كلثوم، التى اعترض الأزهر على محاولة تسجيلها للقرآن الكريم بصوتها، والحمد لله أن أم كلثوم أفلتت ببعض قصار السور حتى نعيش مع حنجرتها الذهبية وهى تحتضن أسمى المعانى، يقول رئيس الإذاعة السابق عبدالرحمن رشاد عن هذه التسجيلات «هى موجودة لدى الإذاعة وتم إذاعة جزء منها فى احتفالية مرور 50 عاماً على إنشاء محطة القرآن الكريم عام 2014» مشيراً إلى أنه «عندما بدأت الإذاعة المصرية كانت هناك قارئة معتمدة لدى الإذاعة المصرية، وكانت تدعى كريمة العدلية، بدأت مع تاريخ الإذاعة المصرية، وكانت لديها فقرة ثابتة فى تمام الساعة الخامسة والنصف صباحاً، مع الشيخ محمد رفعت، وعبدالفتاح الشعشاعى»، وفى حوار مع جريدة ڤيتو اعترض الشيخ أحمد كريمة على قراءة النساء للقرآن فى المحافل العامة قائلاً: «هذا أمر مرفوض من الناحية الفقهية، وذلك لعدة أسباب أهمها أننا نريد للقرآن الكريم أن تبقى قداسته فى النفوس، فمن يريد أن يتعرض للتلاوة القرآنية ينبغى أن يتفرغ لها، بحيث يكون قارئاً متفرغاً ولا يزاول أى مهنة قد تجر إشكالية على قداسة القرآن الكريم، بجانب أنه جرى العرف، والعرف يعتبر أن النساء لا يقرأن القرآن الكريم فى المحافل العامة، وهذا عرف يعتبر، لأن العرف أحد أدلة التشريع الإسلامى، إعمالاً للقاعدة الفقهية «العادة محكمة»، وهذا الاعتراض سيظل موجوداً إلى يوم القيامة، سواء لأم كلثوم أو لغيرها دون شخصنة الأمور»، لافتاً إلى أن «النساء من الناحية الفنية قادرات على الإلمام بقواعد قراءة القرآن الكريم، لكن فى الغالب لن يكون متوافراً فيهن، عنصر الخشوع مثل الرجال، فصوت المرأة قد يكون نوعاً من التكسر والليونة ما يتنافى مع قداسة القرآن الكريم» وللأسف ليس هذا هو رأى الشيخ كريمة فقط، ولكنه رأى تيار كبير داخل الأزهر وخارجه، وتاريخ محاولات النساء قراءة القرآن تكررت فى كر وفر مع رجال الدين، ومن ضمن قارئات القرآن الشهيرات اللاتى ذكرهن تقرير ڤيتو كريمة العدلية و«أم محمد»، التى ظهرت فى عصر محمد على وكانت تحيى ليالى شهر رمضان فى حرملك الوالى، كما كانت تقوم بإحياء ليالى المآتم فى قصور قادة الجيش وكبار رجال الدولة، و«منيرة عبده» التى ذُكر أنها كانت «كفيفة» وبدأت رحلتها مع القرآن الكريم فى سن الـ18، ومع بداية الإذاعة المصرية، عام 1934، كانت «منيرة» فى طليعة الذين رتلوا القرآن الكريم بأجر قدره 5 جنيهات بالإضافة إلى الشيخة «خوجة إسماعيل» التى قدمت الإذاعة لأول مرة يوم 19 أبريل عام 1936، وأيضاً من القارئات الشهيرات الشيخة سكينة حسن، التى وُلدت ضريرة فى صعيد مصر، فألحقها والدها بالكُتاب لتعلم القرآن الكريم، ورتلت القرآن الكريم والتواشيح فى المناسبات الدينية، وسجلت بعض آيات الذكر على أسطوانات، وسجلت مجموعة من القصائد والأدوار والطقاطيق القديمة، وغيَّرت اسمها إلى «المطربة سكينة حسن»، فى بداية عشرينيات القرن العشرين.