يجب على الدول المتقدمة أن تفهم أن الإغلاق فقط ليس الحل، ولا منع السفر هو السحر، ولا تحويل البلد إلى جزيرة بأسوار سيقتل الكورونا، شخص واحد يحمل فيروساً متحوراً كفيلاً بخلق جهنم كوفيد ثانية، لذلك قبل تطعيم أطفالكم ضد كوفيد فى أمريكا وأوروبا وهم أقل البشر تعرّضاً لخطر الكورونا، مدّوا أيديكم إلى العالم الفقير وأنقذوه باللقاح، التكافل لا الأنانية هو الحل، هناك فقراء يموتون نتيجة عدم وجود أسطوانة أكسجين، هناك مئات الملايين فى العالم لم يسمعوا عن اللقاح أصلاً، ولا يعرفون ما سبب الوفاة، يعيشون فى المجاهل والأحراش فى أفريقيا وآسيا، لا بد أن تفهم الدول الغنية أن مناعة القطيع فى بلد وتطعيم كل السكان لا يعنى أنها قد أصبحت فى أمان طالما أن الفيروس موجود فى دول فقيرة أخرى، لن تنتهى الكورونا وتصبح endemic متوطنة، ونتعامل معها كالإنفلونزا إلا بمناعة القطيع فى العالم كله، وليس فى بلاد الرفاهية فقط، هذه الدول عليها أن تتخلى عن أنانيتها، التكافل العالمى صار فريضة، لم يعد ينفع الاحتكار، فنحن فى مركب واحد، والفقير الذى تنفرون منه ولا تريدون مد يد المساعدة إليه هو معمل بشرى متحرك لتحور الفيروس وزيادة شراسته وصعوبة علاجه أو التخلص منه، نحن نقترب من إقرار أن الفيروس مخلق ومتسرّب من معمل ووهان، وأن هناك تورطاً من دول كبرى، سواء بالإهمال أو التعمد، وهناك إيميلات فاضحة لمؤامرات من خلف الكواليس، ما زالت المعلومات فى طور التشكّل، ومن الممكن أن تظل ضبابية إلى الأبد، لذلك على تلك الدول المتقدمة أن تسعى ليس لإنقاذ نفسها فقط، ولكن لإنقاذ الدول الفقيرة التى لا ذنب لها. ما حدث فى معمل ووهان، لا بد أن تعتذر الدول التى تورطت فى تلك الأبحاث، والاعتذار العملى يكون بتوزيع اللقاحات على الدول الفقيرة التى ورّّطوها بلا ذنب معهم، ما يحدث من احتكار هو جنون أنانية واستعلاء عنصرى يثبت أن غرائز الغابة لم تروض بعد أو تختفِ من البشر، وأنها تظهر من خلف البراندات عند الضرورة. شركات الأدوية لا بد أن تتعاون لا أن تتنافس، يشارك بعضها البعض فى تبادل الأبحاث، هذا ليس وقت التنافس التجارى، فالعالم يختنق ضجراً ورعباً، سياسة الفرار بسفينة نوح ليست هى الحل، ولا تحول الدول الغنية إلى جيتوهات هو الملاذ، الإنسان حيوان اجتماعى يعشق التواصل، والكورونا سحبت منه هذه الصفة فعاد إلى حقبة الحيوان المرعوب الخائف من الصياد الشبح، لم يعد مقبولاً تراكم الثروات من بيزنس الكورونا. لا بد أن يتحول هذا الكم المرعب من فائض ثروات تلك الدول والشركات إلى تنمية عالمية فى مجال الصحة، ولا بد أن يهتم العلم بدراسة الأوبئة وترتيب أولوياته البحثية، فهناك مصروفات مرعبة وضخمة على دراسة أمراض أو شكاوى ليست من الأولويات، كل شكاوى المرضى مهمة، ولكننا الآن أمام مواجهة وحرب ولا بد أن نعرف أولوياتنا الصحية، يا أثرياء العالم البنكنوت والذهب ومليارات البورصة لن تحصنكم طالما هناك فقير يموت نتيجة اكتناز المعرفة واحتكار العلاج.