أسئلة كثيرة طرحتها متابعتنا اليومية لمسلسل الاختيار، من أهم تلك الأسئلة ما يتعلق بأحداث آخر ثلاث حلقات، التى يظهر فيها ضباط الشرطة الملتحون الذين قادوا عملية اغتيال المنسى بعد هروبهم إلى سيناء، السؤال الخطير كيف كانت البداية؟ كيف نبتت البذرة؟ كيف حدث هذا التحول الخطير كما وصفه اللواء مراد، رئيس جهاز الأمن الوطنى، تحول من عين باتت تحرس فى سبيل الله إلى عين باتت تقتل فى خلق الله!!؟ كيف تشكلت تلك العقول، وما هو الدرس المستفاد وكيف نكتشفهم أو باختصار نشم رائحة تحولهم الإجرامى وهو ما زال جنيناً أو حتى فى رحم الغيب؟ البداية دروس دينية فى مساجد وزوايا متطرفة تمهد الأرض، وحشرية اجتماعية ودس أنف فى خصوصيات الآخرين واقتحام مساحاتهم الحميمة، دراسة حالة خيرت السبكى وحنفى جمال وباقى أعضاء الخلية لا بد أن تكون ملفاً مهماً على كل مكاتب ضباط الشرطة ومدرسى الأكاديمية وباحثى الإسلام السياسى وعلماء الاجتماع، ولا بد أن تكون الدراسة ويكون التحليل فى منتهى الجدية، قبل أن تجتمع الخلية بانتظام عند طبيب الأسنان الإخوانى، كانوا يحضرون دروساً دينية بشكل دورى، تلك الدروس التى كانت منتشرة ولم تقتصر على الزوايا والمساجد الصغيرة ولكنها امتدت إلى الشقق والفيلات والقصور، ولم تكن ساحتها هى بيوت الفقراء ومتوسطى الحال كما يروج البعض رابطاً بين الفقر وسهولة غسل الدماغ، وللأسف كان خيرت هذا فى موقع حساس وظل على هذا التشدد والتطرف، بينما يرى زملاءه يستشهدون ولم تنفع معه كل خطب ومواعظ الشيوخ المعتدلين لإقناعه بالعدول عما فى دماغه المشوهة، أما الحشرية الاجتماعية فقد لاحظها كما أشار المسلسل زميلهم السابق يوسف الرفاعى وهى الشخصية المرسومة بدقة بمزيج من الواقع والخيال، حيث وصلته معلومة بأن هؤلاد الضباط أوقفوا شاباً وخطيبته، عنفوا الشاب على أنه يضحك معها ويمسك يدها، هنا منتهى الخطر أن يسمح الوعى الجمعى بمثل تلك الحشرية والوصاية، التنازل عن مساحتك الحرة الخاصة باسم الوصاية الدينية، وتحول المواطن إلى مطوع فى هيئة أمر بالمعروف والنهى عن المنكر، هما بداية الكارثة، يحدث بعدها التمادى، ينتقل الأنف من وجه الحشرى لحياتك الخاصة، يبدأ هو فى وعظك من عرشه العالى المتميز، هو فوقك بدرجة لأنه يحفظ كليشيهات السلفيين، هو الوصى والملهم والمرشد لأنه صاحب لحية وجلباب وسواك ويقال له يا شيخ، حتى ولو لم يمر فى حياته أمام معهد أزهرى! تلك أدوات السيطرة عليك وتخديرك وتلجيم لسانك وإخراسك عن أن تصرخ فى وجهه وانت مالك.. ما إن تبدأ فى التنازل وتقديم صباعك ينتشى ويشتهى بعد صباعك دراعك!! وتبدأ خطة الاقتحام، وهنا ستصبح منوماً مغناظيسياً، مثل عروسة ماريونيت، تنفذ كل شىء بأوامره بداية من دخول الحمام حتى علاقتك الحميمة، كانت تلك بدايتهم وبداية كل متطرف، فهل تعلمنا الدرس؟