فى احتفالية مئوية د. ثروت عكاشة بمكتبة الإسكندرية، قال أستاذنا وأستاذ الطب النفسى د. أحمد عكاشة، إن شقيقه كان عازفاً عن الإعلام وزاهداً فيه، وكان ردى «معك كل الحق د. عكاشة»، لكن فى المقابل الإعلام لم يكن عازفاً ولا زاهداً فى متابعة المجهود والمشاريع الثقافية التى كان يقوم بها «د. ثروت»، والأهم من المتابعة وإلقاء الضوء، أن الإعلام كان يشكل المتلقى ويعمق ثقافته الفنية ويسهم فى جعل المشاهد أو المستمع مهيأً لفهم كل الفنون الرفيعة والإحساس بها، فما قيمة أن أهتم بمعبد فرعونى سيأتى مواطن ليحطم أحجاره أو ينادى بتفجيره أو يشخبط على جدرانه؟ وما قيمة أن أدعم الباليه والمتفرج يشتم راقصة الباليه ويصفها بالفاجرة؟ وما جدوى أن أنشر الموسيقى الكلاسيك ورجل الشارع مقتنع بأن سامعها ومتذوقها سيصب فى أذنيه الرصاص المصهور؟ وهل هناك أمل فى أن تنقذ معارض الفن التشكيلى وجدان شخص مؤمن بأن الرسامين فى قاع جهنم، وسيطلب منهم أن ينفخوا الروح فى شخوص لوحاتهم؟!! إذاً لا بد أن نصنع المواطن المتذوق حتى يؤثر الفن ويحقق وينجز دوره المنشود، ونظرة سريعة على خريطة التليفزيون فى زمن ما قبل الفضائيات لنعرف الفرق، ونعرف كيف تحقّق هذا اللمعان الثقافى بجناحى الثقافة والإعلام، قائمة البرامج كانت تضم نادى السينما لتذوق السينما العالمية وسينما لا تكذب ولا تتجمل وغيره لعرض الأفلام التسجيلية وتحليلها، كانت هناك برامج مثل أتيليه للفن التشكيلى وبرنامج الفن الشعبى للدكتور أحمد مرسى، وبرنامج د. سمحة الخولى لتذوق الموسيقى الكلاسيك وبرنامج د. رتيبة الحفنى للموسيقى العربية، وكان هناك برنامج الفنانة منى جبر عن فن الباليه، وبرامج تكنولوجيا وعالم البحار والعلم والإيمان للثقافة العلمية، ومن المسرح العالمى لترجمة وعرض المسرحيات الكلاسيكية المشهورة.. إلخ، أين كل هذا الآن؟، كل المجهود الذى تبذله وزيرة الثقافة والأوبرا والمتاحف وقصور الثقافة والكونسرفاتوار ومعهد الباليه والأكاديمية كلها، أين يصب؟، وما حال المستهلك المستهدف؟، هل نترك ذوقه دون أى توجيه أو مساعدة؟، هل نترك أنفسنا لمنطق «السوق عايز كده»؟ مطلوب قناة مستقلة لوزارة الثقافة تتابع العروض والمعارض وتصور متاحف الفن التشكيلى وتعقد ندوات وصالونات ثقافية وتنشر الثقافة العلمية والفنية والتاريخية، تكون نافذة تنوير، ولنفكر خارج الصندوق بالنسبة للتمويل، وصدقونى كل جنيه يُصرف على تلك القناة هو استثمار فى البشر، حتى ولو عشرات الملايين، هذا مكسب وليس خسارة، من يتذوق اللوحة ويستمع إلى الموسيقى ويثق فى العلم لن يذبح أو يفجر أو يقتل، تثقفوا تصحوا.