من أفضل وسائل التعارف الشعبى وأهم جسور التواصل بين البلاد القوافل الطبية، فهذا النوع من التواصل يلمس أهم ثروة عند المواطن وهى الصحة، وعندما يعالج طبيب مريضاً من بلد آخر يظل هذا المريض ممتناً ومقدراً لهذا الجميل الإنسانى، ويصبح هذا المريض سفارة متنقلة وهيئة استعلامات متحركة تقوم بالدعاية لهذا الطبيب وبلده، ولكن المهم ألا تتشكل هذه القوافل بصورة فوقية متعالية، ولكن بصورة شعبية عفوية كما تكونت اللجنة الشعبية التى زارت إثيوبيا مؤخراً وحققت تواصلاً وتركت بصمة هناك.

سيطرت إسرائيل على السوق الأفريقية ومدت الجسور فى ظل غياب مصرى تام وغفلة حكومية وشعبية كاسحة، وفى النهاية استيقظنا على كارثة المياه، وتذكرنا أن هناك شيئاً اسمه أفريقيا، نريد أن تكون مبادراتنا معهم وقوافلنا إليهم ليست مجرد مناسبات وردود فعل، نريدها أن تكون سياسة ثابتة ومبادرة متصلة، ولهذا سعدت برسالة ومبادرة د. حاتم أيمن توفيق بتشكيل قافلة طبية الى إثيوبيا، ومتأكد من أنها ستجد صدى وأن هناك أطباء كثيرين مستعدون للتطوع فى هذه القافلة إما بالكشف أو بالعمليات الجراحية.

تقول رسالة د.حاتم أيمن توفيق: «بعد النجاح الرائع للدبلوماسية الشعبية فى إيجاد حل، ولو مؤقت، لكارثة المجاعة المائية التى خيمت على الوطن طوال السنوات الماضية، لماذا لا تقوم يا دكتور خالد بالدعوة من خلال عمودكم اليومى المميز لنوع آخر من الدبلوماسية ألا وهى الدبلوماسية التقنية أو الفنية وتدعو إلى تكوين فريق طبى مصرى متكامل يتوجه أولا إلى إثيوبيا، ثم إلى باقى دول حوض النيل فى بادرة جديدة لإثبات حسن النوايا تجاه الدول الأفريقية الشقيقة؟!

وأنا أزعم أن الدبلوماسية الطبية قد يكون تأثيرها مماثلا للدبلوماسية الشعبية، إن لم يزد، لأن تقديم الدعم المصرى التطوعى لإثيوبيا وغيرها من دول حوض النيل فى المجال الطبى وغيره من المجالات التى قد تفتقر إليها هذه الدول سيوطد أواصر الصداقة مع الشعوب وسيقطع الطريق بالتأكيد على أى اتجاهات داخل حكوماتهم للالتفاف حول عودة الدفء فى العلاقات المصرية ـ الأفريقية.

وقد كانت هناك بالتأكيد محاولات فردية غير رسمية أثناء الحكم السابق لتنظيم بعض هذه البعثات ولكنها ربما لم تجد الصدى الكافى لدى الجانب الأفريقى بسبب توتر العلاقات السياسية لأقصى حد آنذاك، ولأن الأفارقة ربما أحسوا وقتها بأن ما تفعله الحكومة المصرية على أرض الواقع مغاير تماما لهذه المحاولات الفردية المحمودة.

ولهذا السبب أرجو أن تسمحوا لى بأن أقترح أن يتم تنظيم هذه البعثات من خلال الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا بوزارة الخارجية حتى يدرك الجانب الأفريقى جدية الجانب المصرى فى إعادة العلاقات إلى مجاريها مع أشقائنا فى أفريقيا، ويشرفنى بالطبع أن أتطوع كطبيب مصرى فى أول بعثة تتوجه إلى إثيوبيا، إذا رأت الفكرة النور من خلال قلمكم».