شارك الدكتور منير حنا، رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية، مساء يوم الأحد الماضى، فى قداس ذكرى الإبادة الأرمينية، قال حنا فى بيان صادر عن الكنيسة الأسقفية «إن الإبادة الأرمينية التى ارتكبتها تركيا ضد الأرمن إبان الحرب العالمية الأولى وصمة عار فى جبين الأتراك لا يمحوها زمن»، مؤكداً أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يسير على خطى أسلافه ويجدد المآسى فى أرمينيا مرة أخرى هذه الأيام، وأوضح حنا فى بيانه الذى نشره موقع «الوطن»، أن النظام التركى يواصل جرائمه ضد الإنسانية على عدة مستويات، سواء فى الداخل أو الخارج، معبراً عن تعازيه للشعب الأرمينى فى ذكرى هذه المذبحة البشعة التى راح ضحيتها آلاف الأبرياء وتسببت فى الشتات الأرمينى فى شتى بقاع العالم حتى إن مصر استقبلت بعضاً منهم فى تلك الأثناء. انتهى الاقتباس من بيان د. حنا، لكن لا بد ألا ينتهى التأكيد على دور مصر الرائع فى استقبال واحتضان الأرمن الذين ارتُكبت ضدهم مجازر ومذابح راح ضحيتها ما يقرب من مليون ونصف مليون أرمنى، وفى هذه المناسبة من المهم أن نتحدث عن وثيقة مهمة وهى بيان شيخ الأزهر حينذاك والذى أدان تلك المذابح فى فتوى طبعها المحامى حسين صبرى على حسابه وأرسل منها ٢٥ ألف نسخة إلى الحكومة التركية، هذه الوثيقة أصدرها شيخ الجامع الأزهر سليم البشرى فى مايو 1909، وندد فيها بالمسلمين الأتراك ومذبحتهم الأولى التى قتلوا فيها 30 ألف أرمنى فى مدينة أضنة، وهى إحدى أكبر المدن فى الإمبراطورية العثمانية، قال شيخ الجامع الأزهر فى بيانه: (وبعد فقد اطلعنا فى الصحف المحلية على أخبار محزنة وإشاعات سيئة عن مسلمى بعض ولايات الأناضول من الممالك العثمانية، وهى أن بعضهم يعتدون على بعض المسيحيين فيقتلونهم بغياً وعدواناً، فكدنا لا نصدق ما وقع إلينا من هذه الإشاعات، ورجونا أن تكون باطلة، لأن الإسلام ينهى عن كل عدوان ويحرم البغى وسفك الدماء والإضرار بالناس كافة، المسلم والمسيحى واليهودى فى ذلك سواء. فيا أيها المسلمون فى سائر البقاع وغيرها احذروا ما نهى الله عنه فى شريعته الغراء واحقنوا الدماء التى حرم الله إهراقها ولا تعتدوا على أحد من الناس فإن الله لا يحب المعتدين. إن للذين عاهدوكم والمستأمنين لكم والذين جاوروكم من أهل الذمة بينكم حقاً من الله تعالى فى رقابكم أن تستقيموا لهم ما استقاموا لكم، وأن تمنعوهم مما تمنعون منه أنفسكم وأهاليكم، وأن تجعلوا لهم من بأسكم قوة لهم ومن قوتكم عزاً ورخاء، وأن تكفوا عن أديارهم وكنائسهم وبيعهم ما تكفون عن مساجدكم ومعابدكم. ولا والله ما داس امرؤ حريمهم ووضع السيف فيهم وبغى عليهم إلا كان ناقضاً لما أخذ الله على المسلمين من عهد وأوجب عليهم من أمر.. واعلموا أنه إن كان ما بلغ الناس عنكم حقاً فقد أغضبتم ربكم، وما أرضيتم نبيكم وشريعتكم، وأحفظتم إخوانكم المسلمين عليكم غيرة على دينهم الذى قد تنكرت بهذا العمل الشنيع (إن صح) معالمه، وانتُهكت محارمه وأطلقتم ألسنة الجاهلين بدينكم بنكر القول فى المسلمين أجمعين. ألا فاسمعوا بعض ما قال نبيكم فى مثل ما أنتم فيه اليوم. قال صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً». وقال عليه الصلاة والسلام: «من قذف ذمياً حد له يوم القيامة بسياط من نار»). هكذا كانت مصر النور والاستنارة، فجر الضمير ومنبع الحكمة وملجأ المقهورين.