أكتب هذا المقال وما زالت نتيجة الانتخابات الأمريكية غامضة، لكن كل المؤشرات تشير إلى فوز بايدن وخسارة ترامب، ويتابع المصريون تلك الانتخابات باهتمام غير مسبوق، لحظة بلحظة، منهم من هو ضد ترامب ويقول إنه هو من أكد على أن القدس عاصمة لإسرائيل أو بالتحديد هو من نقل السفارة الأمريكية إلى هناك، ومنهم من هو ضد بايدن لأنه من وجهة نظرهم سيفرض الإخوان على مصر ويعيدهم إلى البلاد التى أسقطتهم. بالنسبة لمسألة نقل السفارة إلى القدس أعتقد أن الجمهوريين والديمقراطيين على السواء ينفذون خططاً مرحلية كانت ستنتهى إن عاجلاً أو لاحقاً بنقل السفارة، لكن الفرق أن ترامب كان الأسرع والأصرح، السفارة كانت ستنتقل رغماً عن أنف الجميع سواء جمهورى أو ديمقراطى، لأن اللوبى اليهودى فى أمريكا أقوى لوبى ضاغط فى المجتمع الأمريكى، وهو لوبى يفرض كلمته على الجميع ويحرك خيوط الدمى خلف الكواليس، بل وعلى خشبة المسرح أيضاً، وأن يتصور أى شخص أن الحزب الديمقراطى هو داعم للقضية الفلسطينية ورأيه مختلف عن الحزب الجمهورى بالنسبة لهذه القضية فهو واهم، ففى النهاية يتفق الاثنان ولا يستطيع حزب منهما خدش مشاعر إسرائيل، فهى الابن المدلل للعم سام، وهى الولاية الأمريكية الوحيدة التى تقع فى قارة أخرى! نأتى إلى النقطة الثانية وهى أن الرئيس المرتقب والقريب جداً من الفوز، الرئيس بايدن، يخاف مصريون كثيرون أن يفرض علينا الإخوان. بداية لا نستطيع إنكار الاختراق الإخوانى هناك منذ إدارة أوباما، لكن لا بد أن نتذكر إلى جانب ذلك أننا أسقطنا الإخوان فى عز سطوة حكم أوباما ٢٠١٣، ولم يستطع أوباما أو الحزب الديمقراطى الحاكم وقتها أن يقف ضد إرادة الشعب المصرى الرافض لتلك العصابة الفاشية المتاجرة بالدين، وهنا مربط الفرس، إرادتك كشعب، واقتناعك بأن الإخوان ليس فصيلاً وطنياً على الإطلاق، وإنما جماعة مجرمة تريد تدمير الهوية المصرية، جماعة أممية الخلافة عندها أهم من الوطن، والإخوانى الأفغانى أهم من المسيحى المصرى. إذن لا بايدن ولا ألف بايدن يستطيع فرض الإخوان على مصر التى اتخذ شعبها قراراً نهائياً باتاً وصارماً وهو لفظ الإخوان كجسم غريب على جسد الوطن، وبتر تلك الجماعة كغرغرينا مسممة للوطن كله، حتى لو حكم أمريكا المرشد نفسه، لن يعود الإخوان لينجسوا أرض مصر ثانية. الإخوان جملة عارضة فى كتاب المحروسة شطبناها بماء النار ودم الضحايا الذين سقطوا نتيجة هجمات ضباعهم الشيطانية، ما بيننا وبين تلك العصابة المجرمة ليس خلافاً فى وجهات النظر، وإنما بيننا وبينهم دم جنود سقطوا فى كمائن وذُبحوا غدراً على الحدود، بيننا وبينهم نيران أُضرمت فى كنائس، وشهداء أُطلقت عليهم النيران فى مساجد، بيننا وبينهم أطفال تم إلقاؤهم من فوق الأسطح، ونساء ترملن وتم حرمانهن وحرمان أولادهن وبناتهن من الأب، هل سيعوضنا بايدن عن كل تلك التضحيات الفادحة؟، هل سيغلق بايدن الملف بمجرد منع معونة أو ضغط منظمات أو تهديد مجالس كونجرس أو شيوخ؟!، إنها لم تكن خناقة على مقهى، أو مشاجرة فى زقاق، إنها كانت صراع حفاظ على جينات الوطن، على الاحتفاظ بحلمه، على بقاء اسم مصر متفرداً غير تابع لخلافة عثمانية كانت أو فارسية، لذلك أنا شخصياً لا أخشى أن يحكم أمريكا بايدن أو ترامب، لكنى أخشى من طابور خامس داخلى يسوق للمصريين خدعة المصالحة وهلاوس وضلالات وطنية الإخوان الذين قال مرشدهم «طظ فى مصر».