«لو فهمت البوكر يا أمين.. هتفهم الحياة»، جملة مفصلية ومحورية فى رواية «شلة ليبون»، قالها الأب يسرى الذى يدير صالة قمار لابنه أمين وأصدقائه من شلة ليبون، الرواية التى كتبها الروائى هشام الخشن والصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، هى رواية ممتعة وجذابة وجديدة ومختلفة، منذ فترة طويلة لم أنته من قراءة رواية فى يوم أو فى جلسة واحدة، لكن «شلة ليبون» أجبرتنى على ذلك، وهذا عندى إشارة لقدرة الروائى على الوصول لسحر الحكى المقدس، الإمتاع، «مفيش حاجة اسمها ورق وحش وورق حلو، كل ورقة ممكن تكون سبب فوزك، واللاعب السيئ هو اللى ما يعرفش يستفيد من اللى فى إيده»، لخص الأب يسرى الحياة فى تلك العبارة، تبدأ الأحداث مع سبعة من طلبة ثانوى فى إحدى مدارس الزمالك، رأس السنة ١٩٧٩، فى شقة صديقهم ومحور الشلة أمين، فى هذا اليوم علمهم الأب الذى رحل فى هذا اليوم نتيجة حماقة لعبة بوكر، علمهم لعبة الحياة، أمين وإبراهيم وكريم وعزيز وهدى وعايدة وناديا، اتفقوا على عقد هذا اللقاء السنوى على مائدة البوكر، وبعد ثلاثين عاماً كان اللقاء الحاسم، وعلى تلك المائدة، ومع توزيع كل ورقة لعب، يحكى المؤلف زاوية من حكاية إحدى الشخصيات، وكيف قامر مع الحياة وقامرت معه، بالحس الهندسى لمؤلف الرواية يرسم إيقاعاً هندسياً دقيقاً وممتعاً للرواية، بحيث لم يسقط منه الإيقاع لحظة، انضباط هندسى صارم، لكن صرامته لم تخنق غواية الفن أو جنونه وانفلاته، لهاث وتوتر البوكر اندمج مع برود من يمسك بأوراق اللعبة، لم يفلت الخيط الروائى، تقاطعت أحداث صعود لهاث الملياردير أمين الذى صار من أثرياء العالم بعد هجرته، مع صعود الكاتب الصحفى إبراهيم الذى ارتضى دور الكومبارس الذى يكتب لرئيس التحرير مقالاته حتى يصل إلى الكرسى والمكانة، مع صعود الممثلة هدى التى ارتدت الحجاب فترة لأن المنتج يريد فيلماً إسلامياً، مع صعود عايدة أو بالأصح انحدارها التى بيعت فى سوق النخاسة لشريك والدها الخليجى لتصبح جارية عند زوجته الأولى، مع محاولة صعود كريم عبقرى الهندسة الذى سافر وقرر الذوبان الثقافى حتى الثمالة، ولكنه فوجئ بابنته التى تريد الزواج من صديقتها فاستيقظ على استحالة الذوبان!!، مع صعود عزيز ومحاولة استقلاله عن مشاريع الأب والشقيق، حماقة صعوده كانت بقدر حماقته فى مباراة الملاكمة التى بخرت آماله فى البطولة، وأخيراً ناديا التى أراها أضعف شخصيات الرواية والتى كانت تحتاج إلى مزيد من العمق، هى مثال للتائه بين نصفه المصرى والأجنبى، لكن فترة سفرها لبلدها الأوروبى لم تأخذ القدر الكافى من اهتمام الكاتب، وأرى أن نفس العيب كان فى جائزة أمين لأصدقائه من لاعبى البوكر، فالجائزة التى ستستفز حماس هؤلاء ليست أبداً منصب رئيس مجلس أمناء منظمة أو هيئة ما زالت فى رحم الخيال، تلك الملاحظات الهامشية وغيرها لا تقلل من إعجابى بالرواية، التى هى من أكثر الروايات المصرية التى قرأتها هذا العام جاذبية وحبكة وإحكاماً، وأنتظرها فيلماً سينمائياً بديعاً، فهى تستحق الاحتفاء والتجسيد سينمائياً ودرامياً.