بلغنى أيها الملك السعيد، ذو الرأى الرشيد، والعمر المديد، أن هناك نوعاً من فن التمثيل، ظهر فى أرض الهرم والنيل، لم يحدث منذ عصر التنين والماموث، اسمه التمثيل عبر البلوتوث، الممثل لا يلمس الممثلات، الأحياء منهم والأموات، واشترط ذلك عند كتابة العقود، وكتبها فى كل البنود، أنا أمثل دور الروبوت، والممثلة سأصافحها بالقفاز والريموت، ولكيلا يكون ثالثهما الشيطان، اشترط أن يوضع فى الاستوديو مأذون وبارافان، وانتشرت بعدها فى أرض المحروسة، دراما المواعظ المهروسة، التى تظهر فيها البطلة بالنقاب الأفغانى، والبطل بالجلباب الباكستانى، ويمرض العشاق المجرمون فيها بالإسقربوط، ويلتهم عيون المحبين الفساق الأخطبوط، عقاب سماوى لمن تجرأ على اللمس، لذلك عرضوا الحلقات منعاً للبس، على هيئة كبار العلماء، ومفتى الديار والحكماء، وتسابقت شركات الإنتاج من كل الثغور، من شركة القعقاع لشركة التوحيد والنور، وكانت باكورة الإنتاج العظيمة، مسلسل نفحات الإيمان فى حسن ونعيمة، والباقيات الصالحات فى دنيا الاتصالات، ومسلسل أعطنى القنبلة والسكين، فأنا ذاهب للحور العين، والمثير للدهشة والصدمة والاستغراب، هو انتشار نظرية المرأة الحلوى والرجل الذباب، وهى نظرية جديدة على بلد الحضارة وفجر الضمير، قبل أن يزحف عليها التصحر الشرير، فقد كانت المرأة ملكة ذات عرش وتاج، قبل أن تكون سبية لها احتياج، وكان فن التمثيل سر قوتها، والدراما عنوان ثقافتها، لم يكن الشعب يخجل من الممثلين والممثلات، ولم تكن هناك دور فتوى للمسلسلات، كان الفن عندهم إما ردىء أو جيد، وكان الفن الصادق هو السيد، قبل أن يحتل النفاق أمخاخ الأنام، ويصبح تقييم الفن بالحلال والحرام، وينتقل الفن من مصدر إلهام وأنوار، إلى حلقة ذكر وكودية زار، كان المتفرج قديماً فى تلك البلاد، وقت أن كان الدين معاملة العباد، يقيس الفن بإبداع الفنان، فصار يقيسه بطول الفستان، وكان يبحث فى القصة عن الإيقاع والتجانس، فصار يبحث فيها عن عدم التلامس، كان يبكى بحرقة فى قصص الحب والغرام، لكنه الآن يدخل بعدها الحمام، قبل عصر الادعاء والمدعين، ومرضى الازدواجية والمنافقين، كانوا يفخرون بنجماتهم، وكانوا أخلاقيين مع بناتهم، قبل أن تسود الطقوس والشكليات، ويسود معها التحرش وتدنى الأخلاقيات، وصار من يصرخ واإسلاماه أمام الشاشة، مدمناً لمواقع البورنو يعانى من هشاشة، يصرخ وكأن الدين سينهار من تمثيل الحب والحنان، وسيحتلنا بعدها التتار والرومان!!، وخرج علينا فى هذا الزمان، متأثراً بهذا اللاتلامس وذلك الجنان، طبيب جراح داعشى قائلاً يا عيب الشوم، الورع يجبرنى على استئصال الرحم من البلعوم، وهنا أدرك شهرزاد الصباح، بعدما أقيمت الأفراح والليالى الملاح، احتفالاً بتحويل استوديو الفنان، إلى كهف فى جبال طالبان.