تكرر هذا السؤال كثيراً بعد ٣٠ يونيو، «الإخوان ما خدوش فرصة، ليه ماعطيتوش فرصة لهم؟»، ونحن فى أجواء الاحتفالات بذكرى ثورتنا العطرة على تلك العصابة الكريهة التى لا بد أن تظل غلطة مطبعية فى كتاب تاريخنا الممتد والمجيد، الفرصة تمنح للوطنيين، لمن ينتمون لهذا الوطن، لكن تلك الجماعة تنتمى للخلافة ولا تعرف وطناً، بل تكره كلمة وطن، فهو حفنة من تراب عفن، وطظ فيه، على رأى المرشد عاكف، فلو حكم ماليزى إخوانى أفضل من أى مصرى سواء مسيحى أو مسلم ما دام لا ينتمى إلى قطيعهم، هم جماعة أممية، دينها الخلافة، لا تعترف بالحدود، شعارها الغزو والجهاد ولا تعترف بمصطلحات حقوق الإنسان التى تسمى الأشياء بمسمياتها، فالغزو هو احتلال، والجهاد هو اعتداء على الحدود والأنفس لدولة أخرى لا حق لك فى اقتحامها، الفرصة لا تمنح إلا للمؤمن بفضيلة الحوار، والفاشية الدينية لا تعرف الحوار بل تعرف الإملاء والانسحاق، فمن يحاورنى ويبدأ حواره بأنه يتحدث نيابة عن الله، هو وكيل الله، وهو العارف الذى يملك الشفرة والباسوورد الربانى، يحاورنى من منطلق الاستعلاء واحتكار الحقيقة، ليس على استعداد للسماع، بل هو على استعداد لقبول توبتى أو رفضها، حسب مزاجه وفرمانه، وتطبيق ولائه وبرائه، الفرصة لا تمنح إلا لمن يعتبر نفسه من أوركسترا الوطن المتناغم، لا من الفرقة الناجية التى تعيش فى الجيتو، تنظر إلينا نحن الضالين من كهفها النائى، الفرصة لا تمنح لمن يستخدم الديمقراطية أو بالأصح صندوق الانتخاب سلماً للصعود ثم يركله، الديمقراطية بدون علمانية وبدون اقتناع بدولة مدنية لا تعترف إلا بالقانون والمواطنه، هى وهم كبير وخدعة عظمى، فلتقتنع كما شئت بأن ممارساتك الدينية ستمنحك أفضلية فى السماء، أنت حر، لكنها لا تمنحك أفضلية على الأرض، ستلتحق بالمدرسة وتنجح فى الجامعة وتتوظف فى المؤسسة بناء على الكفاءة وليس بناء على مقدار التزامك بالطقوس الدينية، ستأخذ حقك فى المحكمة أو المنصب بناء على سيرتك الذاتية وليس بناء على هويتك الدينية، وبعيداً عن كل ذلك، هناك مفاجأة لمن يطرحون هذا السؤال بإلحاح، من قال لكم إن الإخوان لم يمنحوا الفرص لا الفرصة الواحدة؟، منحتهم ثورة ٥٢ الفرصة حين عين مجلس قيادة الثورة واختار من كل الأحزاب وزيراً إخوانياً ودللهم وقرب منظرهم وفيلسوفهم سيد قطب وجعلوا له مكتباً مجاوراً، كان رد الجميل هو محاولة اغتيال عبدالناصر!، أخرجهم السادات من السجون لضرب اليسار ومنحهم الذراع الإعلامية والوجود فى المناسبات السياسية، وكان رد الجميل هو اغتياله شخصياً فى حفل عرسه، منحهم مبارك الفرصة وترك لهم الشارع والمدرسة والمستوصف وكراسى البرلمان التى تعدت الثمانين، وبعدما وافقوا على التوريث خطفوا ثورة يناير من أصحابها وجثموا على أنفاس الشعب، إنهم أصحاب شعار «امنحنى صباعك لألتهم دراعك».