فى وسط أحداث قنا وهتافات التطرف ولافتات الفتنة وميكروفونات التحرش، وصلتنى رسالة رقيقة من الأستاذ عاطف مينا، هو قارئ لم أقابله وليست بينى وبينه معرفة شخصية، ولكن بينى وبينه رابطة وطن.. رسالته ليست قطعة أدبية أو قصيدة شعر أو منظومة نثر، لكنها تحمل بلاغة الصدق وقوة العفوية.. قررت أن أنشرها كما هى دون تدخل، بأخطائها الإملائية والنحوية، فكثيراً ما تكون اللعثمة الصادقة خيراً من الخطابة الكاذبة.

يقول ابن مينا ابن مصر «نعم أنا أيضا ابنك.. ولدت فى أحضانك.. رويت من نيلك.. لفحتنى شمسك وصبغت بشرتى بالسمار المصرى الأصيل.. عندما كنت فى صباى بدأ حبى لترابك ولسمائك ينمو ويسمو.. فى النكسة خرجت وصرخت ح نحارب.. ح نحارب.. عاشت مصر حرة.. فى ١٩٧٠ وقت حرب الاستنزاف كنت طالبا فى الجامعة وتطوعت فى كتائب خدمة الجبهة و.. أعطتنى القوات المسلحة شهادة شكر وتقدير ما زلت أحتفظ بها وأفخر بها...

فى عام ١٩٧١ التحقت بالخدمه العسكرية وخدمت خدمة العلم بكل شرف فى سلاح القوات الجوية.. تشرفت بخدمتك يا أمى فى أشرف حروبك فى ١٩٧٣... بعد أربع سنوات ونصف فى شرف خدمة قواتك المسلحة خرجت إلى ميدان العمل والإنتاج.. لن تصدقينى يا أمى لكنى أقسم لك أنى: لم أتهرب من ضرائب يوما، لم أخالف اشاره مرور فى حياتى، لم ألقى أى مخلفات فى شوارعك وكنت وما أزال أعتب على أى شخص أراه يفعل ذلك.

عندما بلغت الستين من العمر وإحيلت إلى المعاش اخترت أن أتطوع لخدمة مجتمعك يا أمى.

توجهت لخدمة جميع أخوتى يا أمى.. دون تمييز.. وأحمل شهادات شكر منهم (جمعية دعاء النور، الخلفاء الراشدين..) كنت من أوائل من شارك فى ثوره ٢٥ يناير من ميدان التحرير.. وأيضا سارعت بتلبيه نداء تدعيم اقتصادك يا أمى بلا أدنى تردد.. أمى.. لدى احساس غريب الآن أننى غير مرغوب فى من قليل من أخوتى.. ولا أعلم لماذا!!

يهدم أخى كنيستى التى أصلى فيها إلى جواره دون سبب وأنا عمرى ما أسأت إليه!، نعم يا أمى أنتى مشكورة أعدت بناء كنيستى.. لكنى يا أمى.. كان نفسى أنك ترسخى فى نفس أخى أولا أننا أيضا أبنائك مثله تماما!

تخطف طفله وتعيديها أنتى مشكوره إلى زويها خلال ٧٢ ساعة.. وتصدر أحكامك سريعة وحاسمة.. أفخر بك يا أمى.. لكن!!

تخطف أختى.. ربه منزل.. أم وزوجة.. لأكثر من أسبوعين الآن ولا أقرأ خبر عنها ولا فى صفحه الحوادث.. لماذا يا أمى؟

أسمع صيحات غريبة يا أمى.. الشريعة.. الحد... الجزية...إسلامية... كفره! وأنا يا أمى أين أذهب؟ ماذا فعلت؟ ماذا أفعل؟، يا أمى قولى لأخى أنك أمى كما أنك أمه!.. ليس لى أم غيرك يا أمى.. لمن أذهب وأنتى أمى؟،

قولى لأخى أنك أم جورج وأم جوزيف كما أنك أم أحمد وأم محمد.. قولى له إن مصر هى أحمد زويل وهى أيضا مجدى يعقوب.. قولى له إن أمنا هى نجيب محفوظ وهى يوسف شاهين ونجيب الريحانى.. قولى له يا أمى أن حرب ١٩٧٣ التى أبهرت العالم اختلط فيها دم أبنائك بلا تفرقه لترفعى أنتى رأسك عاليا.. قولى له إن قائد الجيش الثانى الميدانى والثالث كانوا الأثنين واحد مسيحى وأخيه المسلم أبنائك بلا تفرقه.. زكريه يا أمى.. لكم ما لنا وعليكم ما علينا.. وأن الدين لله وأنتى لأبنائك جميعا بلا تفرقه.. هو يسمع منك يا أمى لكنه لا يسمع منى.

أنا محبط من تغير سلوك أخى معى بعد كل كل سنين معاناتنا معا وبعد كل هدا العطاء والمشاركه الكامله معا.. لكنى غير يائس لأنك أنتى مصر.. أمى أعظم الأمهات على مر الأزمنه.. تحركى الآن يا أمى وليس غدا.

فأنا أيضا ابنك.