رحل د. محمود حمدى زقزوق، الذى كانت له قراءة مختلفة ومرنة ومجددة لنصوص الدين، قراءة مستقبلية، تهتم ببهجة الحياة لا بظلمة القبر، تمجد العمل وتزرع الأمل ولا تُبدد الطاقة وتزرع الكآبة، آن أوان أن تقرأوا أفكاره التى هجرتموها، آن أوان أن تخرجوا كتبه من رفوف مكتبتكم، أزيلوا التراب عنها واقرأوها، وإن لم تكن لديكم اشتروها واقتنوها، مكتبة الأسرة كانت قد وفرت عدة كتب بأسعار زهيدة جداً، الكتاب بأربعة جنيهات، أدعوكم لاقتناء كتابين فقط كبداية، أولهما كتاب «الفكر الدينى وقضايا العصر»، والثانى «الدين للحياة»، جنيهاتك الثمانية ستمنحك زاداً ثقافياً وروحياً رائعاً، ستعرف أنه كان بيننا رجل قادر على محبة البشر بالدين ومن خلال الدين، ويعرف جيداً الفرق بين الدين والتدين، وبين احترام الضمير وتجارة الطقوس والشكليات، سأقرأ لكم فى تلك المساحة البسيطة بعض كلمات هذا الراحل العظيم من كتاب «الدين للحياة»، يقول د. زقزوق: «هناك فريق من الناس من الجاهلين بحقيقة الدين يعتبرون أنفسهم متدينين لتمسكهم الظاهر بأمور شكلية لا صلة لها بجوهر الدين، وحرصهم الشديد على أن يضفوا على أنفسهم جواً مظهرياً يوحى بالتدين، فاللحية تطول إلى أقصى حد والثياب قصيرة والمسبحة لا تفارق أيديهم والحوقلة والبسملة تنساب من أفواههم بمناسبة ودون مناسبة، والتشدد المفرط فى صغائر الأمور الدينية هوايتهم المفضلة»، ويضيف «المتنطعون هم المتشددون المتقعرون الذين يفسدون على الناس سماحة الدين ويسره وبساطته، ويدسون أنوفهم فى كل صغيرة وكبيرة فى حياة الناس ويسدّون أمامهم أبواب الأمل، ويضيقون عليهم رحمة الله الواسعة»، ويقول: «لقد درج الخطاب الدينى منذ عصور التراجع الحضارى للأمة الإسلامية على التركيز على الأمور الغيبية والانشغال بأمور الآخرة على حساب الأمور الدنيوية، واهتم اهتماماً مبالغاً فيه بالحديث عن عذاب القبر وأهوال يوم القيامة، وانشغل الخطاب الدينى بصفة أساسية بالترهيب بدلاً من الترغيب، والتشدد فى أمور الدين بدلاً من التيسير، واهتم بالأمور الهامشية والشكلية بدلاً من الاهتمام بمقاصد الشريعة وجوهر الدين»، «الاجتهاد ينبغى أن يوجه إلى فقه الواقع، وتلافى أخطاء السابقين وتحاشيهم الخوض فى قضايا هى من صميم الواقع الحياتى، فقد كان من أبرز نقاط الضعف فى الفقه الإسلامى قضايا الفقه السياسى وشئون العمل والعمال، وينبغى أن يتوجه الاجتهاد أيضاً إلى إعادة النظر فى اجتهادات السابقين فى ضوء متغيرات العصر وإنجازات العلم وضرورات الحياة المتجددة باستمرار». استغلوا الحظر والعزل ولا تعزلوا عقولكم عن فكر د.زقزوق.