ما حدث يوم الجمعة الماضى من السماح بالصلاة فى المساجد، والتصاق الناس بعضهم ببعض وسد الفُرج حتى لا يمر الشيطان واقتراب الأنفاس ومصافحات نهاية الصلاة والسجود مع شهيق استنشاق فى الموكيت، وتجمع الآلاف فى مظاهرة شبه انتحارية جماعية وحفل فيروس جماعى، كل ما تم هو إهدار لكل مجهود الدولة ووزارة الصحة وإعلانات الوقاية وإلحاح الإعلام على التوعية بالمرض وسبل الوقاية. وقوف وزير الأوقاف ليخطب للجموع فى مسجد التليفزيون هو درس فى الرسائل الإعلامية المتضادة، فبينما الدولة تصرخ: الزم البيت، يقدم وزير الأوقاف رسالة أخرى شعارها أنه لن يصيبنا إلا ما كُتب لنا وأن كل شخص مستوفٍ أجله، وطبقاً لهذا ليتنا نلغى الحجر الصحى والمستشفيات تنفيذاً لهذا المبدأ!!، ألا يعلم وزير الأوقاف أن واحداً من كبار الصحابة وهو أبوعبيدة بن الجراح توفى فى طاعون عمواس؟!، ألم يكن «أبوعبيدة» يصلى ويحفظ تلك الآيات؟!، ألا يعلم الوزير أن عدداً كبيراً من أبناء خالد بن الوليد ماتوا بالطاعون نفسه؟، ألم يسمع الوزير بالصلاة التى تسببت فى إصابة ٩٠٠ فى ماليزيا بعد أن كانت الإصابات قد انخفضت؟، ألم يقرأ عن أن من الأسباب المهمة لانتشار المرض فى إيران رفض الملالى لإغلاق مزارات مدينة قم الدينية؟، التجمعات ممنوعة سواء كانت صلاة جمعة أو قداساً أو حفلة ديسكو أو سوق تلات، أغلقنا المدارس والجامعات وهو قرار قاسٍ على النفس والعقل، لكننا قبلناه، فلماذا جئنا أمام إغلاق المساجد وتراخينا؟!، الفيروس يا فضيلة ومعالى الوزير لا يعتكف أثناء صلاة الجمعة، ولا يخفى أنيابه لسجودكم أو ركعاتكم، ولا يدمر شريطه الوراثى ساعة الأذان، الفيروس يفتك بالجميع دون مراعاة مشاعر المتدين أو الملحد، لا يقتله الدعاء ولكن سيقتله العلم والبحث، كشف تركيبة المعمل وليس المعبد، ما حدث يوم الجمعة الماضى فى مصر التى انفردت هى وبنجلاديش بصلاة الجمعة هو مؤشر على تغلغل الفكر السلفى عندنا بصورة أخطر وأعمق من أى بلد إسلامى فى العالم، المساجد أغلقت فى السعودية والإمارات والكويت وعمان والجزائر.. إلخ، إلا نحن!!، هل لأننا أكثر الشعوب تديناً وإيماناً فى العالم؟؟!، هل كل تلك البلاد قد كفرت وتزندقت بهذا القرار، ونحن الذين سنباغتهم وندخل الجنة بسبب قرار وزير الأوقاف بفتح المساجد أثناء صلاة الجمعة فى ظل الوباء؟!، السؤال هل سيعالج وزير الأوقاف المصاب الذى انتقل إليه الفيروس فى صلاة الجمعة الماضى؟ أُرسل هذا المقال قبل إصدار وزارة الأوقاف قراراً بمنع صلاة الجمعة والجماعة فى المساجد لمدة أسبوعين