يواصل د. عبدالمعطى بيومى، عضو مجمع البحوث الإسلامية ردوده على السلفيين الجدد، ويركز على موضوع الجهاد، انطلاقاً من مقولة رددها وكررها أحد أقطابهم وهو الداعية «الحوينى»، ويتبناها الكثيرون من أتباع هذا التيار.

يستنكر د. عبدالمعطى بيومى أن تكون فكرتنا عن الجهاد أنها «وسيلة لعلاج الفقر وتحقيق الثروة بالحصول على الغنائم وبيع الأسرى، أو وسيلة إلى نشر الإسلام بالقوة وشمول القتال لمن يرفض الدعوة أو يحول دونها»، وما قاله الحوينى فى شريط «الولاء والبراء» يتجاهل ما ورد فى القرآن والسنة ومعارك النبى- صلى الله عليه وسلم- من أن الجهاد كُتب على المؤمنين وهو كُره لهم، وهو رحمة فى كل مراحله، ولو كان الرسول يهدف إلى تحقيق الثروة،

لانتهز الفرصة فى أولى معاركه فى بدر مع أهل مكة الذين صادروا أموال المسلمين عند هجرتهم حتى أخذوا المال القليل الذى كان صهيب الرومى قد أخذه معه زاداً لسفره، ولكان أولى به أن يطلب فدية كبيرة عن الأسرى الذين أسرهم فى بدر، لكنه تسامى عن طلب المال وتحقيق الثروة وقبل أن يفتدى كل منهم نفسه بأن يعلم عشرة من صبيان المسلمين.. وما كان تعرّضه لتجارة قريش عند مرورها ببدر إلا اخافة لقريش وإثباتاً لوجود الدولة الإسلامية الجديدة على الطريق، وإلا لما ترك التجارة تمر بالفعل.. كان التعرض عملاً سياسياً وليس عملاً اقتصادياً.

يستكمل د.عبدالمعطى بيومى وجهة نظره عن فلسفة الجهاد فى الإسلام قائلاً: «لم يكن الجهاد وسيلة لنشر الإسلام بالقوة على من يرفض الإسلام، لأن القول الفصل فى قوله تعالى: (لا إكراه فى الدين) يقرر أن فعل المكره لا اعتبار له، وإذا كان المسلمون يحاربون من يمنع الدعوة إلى الإسلام، فهم يحاربونه لأنه يحول دون الحرية فى المعرفة، والعالم الذى نعيش فيه الآن فى كل الدول لا يمنع أى صاحب عقيدة فى نشرها، وأصبحت السموات مفتوحة للفضائيات.. فمن يحول دون الدعوة إذن حتى يدعو أى داع لمحاربته؟! لكن «ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة»، ولم يثبت على الإطلاق أن الإسلام انتشر بالسيف».

يرد د. بيومى على من يروج لعقيدة القتال، وكأن القتال مطلوب لذاته ويحدد ضروراته، قائلاً: «القتال كُتب على المسلمين دفاعاً عن النفس أو الوطن أو الدين أو العرض أو المال ، والله تعالى يقول: (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)، وأيضاً عند نقض العهود والمواثيق والبدء بالقتال فيجب على المسلمين حينئذ أن يدافعوا عن أنفسهم ويلزموا المعتدين الناقضين للعهود احترامهم لها،

يقول تعالى: (ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة)، أرأيت كيف أن البعض لم يستوعبوا حقاً الثقافة الإسلامية فضلاً عن مذهب السلف؟!».

هكذا يختتم د. عبدالمعطى بيومى خطابه برنة شجن وسؤال استنكار ونظرة دهشة، لأن الإسلام منهج العقل، ومصر وطن الوسطية، وشعبها منبع التسامح، من هنا كانت الدهشة من انتشار مثل هذا الفكر المتطرف، ومن هنا أيضاً كان التفاؤل بقدرتنا على استعادة عقل ووجدان مصر.