هناك من يعمل فى صمت، ويبذل مجهودات رائعة فى سبيل إنقاذ حياة أطفالنا، وعلى رأس هؤلاء مستشفى أبوالريش، وقد لمست عن قُرب، ومن خلال الزميلة د. هالة الهلالى أستاذ الرمد وجراحة عيون الأطفال، وفريقها وزملائها منذ فترة كبيرة، كم الجهد الذى يبذلونه لإنقاذ عيون أطفالنا من الإعاقة والعمى. وتعد وحدة طب وجراحة عيون الأطفال فى مستشفى أبوالريش اليابانى مثالاً يُحتذى به فى الإيمان بدورها فى خدمة المجتمع وقيامها بهذا الدور على أكمل وجه، ومع تقدّم طب الأطفال حديثى الولادة وتقدم الحضانات تحسّنت فرص نجاة الأطفال المبتسرين، ومن ثم زادت أعداد الأطفال المهدّدين بفقدان البصر بسبب الاعتلال الشبكى الناتج عن الولادة المبكرة، حيث إن الشبكية عند الأطفال المبتسرين تكون غير مكتملة النمو. الأمر الذى ينذر بحدوث الانفصال الشبكى وفقدان الإبصار، ورغم فداحة المضاعفات فإن الوقاية ممكنة عن طريق إجراء فحص قاع العين لكل طفل مبتسر يعانى من عوامل خطورة تزيد من احتمال الإصابة وأهمها: نقص الوزن عند الولادة (أقل من 2كجم)، أو الولادة المبكرة (34 أسبوع حمل أو أقل)، ثم التدخّل السريع بالعلاج فى الوقت المناسب. فى يناير 2016، أطلقت وحدة طب وجراحة عيون الأطفال بمستشفى أبوالريش اليابانى، بالتعاون مع قسم الأطفال مبادرة: «القاهرة بدون اعتلال شبكى للمبتسرين»، وذلك بدعم ومساندة مستشفى أبوالريش اليابانى. ونفّذت منظومة متكاملة للمسح المبكر للشبكية لدى الأطفال فى 4 وحدات لرعاية المبتسرين، بواقع 95 محضناً مع 3 عيادات متخصّصة لمتابعة الحالات: عيادة فى مستشفى أبوالريش (المنيرة)، عيادة بمستشفى النساء والتوليد بقصر العينى، وعيادة بمستشفى أبوالريش اليابانى تستقبل حالات المبتسرين المحولين من جميع أنحاء القاهرة الكبرى والجمهورية. وامتدت المبادرة خارج أسوار جامعة القاهرة، بالتنسيق مع هيئة المستشفيات التعليمية، لتشمل كخطوة أولى فحص المبتسرين فى مستشفى الجلاء التعليمى للنساء والتوليد، الذى يحتوى على إحدى أكبر وحدات رعاية المبتسرين، وذلك باستخدام أحدث التقنيات فى الطب عن بُعد «Telemedicine». ولقد تم فحص 1600 طفل فى وحدات رعاية المبتسرين المختلفة حتى الآن، وإجراء المتابعة والتدخّل بالعلاج لمن احتاج ذلك دون حدوث أى حالات انفصال شبكى لديهم. المبادرة نموذج للتعاون المثمر بين الأقسام والهيئات المتعدّدة: وحدة طب وجراحة عيون الأطفال، قسم الأطفال، وحدات المبتسرين وهيئة المستشفيات التعليمية. وهى مثال للعمل الجماعى الناجح وإعلاء روح الفريق. تحية واجبة لفريق الأطباء المخلصين العاملين فى صمت على مدى أربعة أعوام حتى الآن.