مصر تعيش حالة هستيريا دينية ووسواس هداية ليس له مثيل فى مجرة درب التبانة.. مرشد سياحى مشغول بهداية السياح إلى الإسلام وتوزيع كتب دينية عليهم!! تصرف له دلالة وسلوك ليس نادراً، فقد شاهدت وسمعت شخصياً فى زياراتى للأقصر والمناطق الفرعونية الأخرى عدة مرات مرشدين سياحيين يتحدثون عن التماثيل الفرعونية كأصنام ويُبسملون ويُحوقلون ويستعيذون بالله وهم يتحدثون عن ممارسات الفراعنة وأنهم يبيحون زواج المحارم ويعددون الآلهة... إلخ، لا يتحدثون بصيغة الحكاية الحيادية الأسطورية بطريقة علمية، لكنهم يتحدثون بصيغة الإدانة الاتهامية الإجرامية، وكأنهم يعقدون محاكمة دينية للفراعنة، إنها حالة ثقافية توجها وكللها هذا المرشد الذى يعبر عن حالة ثقافية وتوجه اجتماعى لبعض المرشدين وليس كلهم والذى يعكس مزاجاً سلفياً كاسحاً، لكن هذا البعض أو تلك القلة تعمل فى مهنة حساسة أساسها استيعاب كل الثقافات والاختلافات وهذا هو ألف باء تلك المهنة، السياحة ثقافة وسلوك قبل أن تكون حجارة وشواطئ، وإذا تعاملنا مع السائح بمنطق الهداية إلى طريق الحق لا الهداية إلى طريق الكباش، فنحن بذلك قد حشرنا أنوفنا فيما لا يعنينا، وهذه الحشرية قد أصبحت سمة مصرية غالبة ومسيطرة، خاصة الحشرية الدينية النابعة من ثقة مفرطة فى أن هذا الشخص الناصح الهادى داخل إلى الجنة لا محالة ويريد جرك معه إلى هناك. أحترم حاجتك إلى إيمانك لكن ما هى حاجتك إلى إيمان السائح؟!، انت مالك؟!، ولماذا لا بد وحتماً أن يكون مقاس إيمان السائح على قدر إيمان حضرتك؟!، وهل أنت مرشد السياحة أم مرشد الجماعة؟!، السؤال الذى يشغلنى، هل نحن نعانى من نقص إنتاج السلع أم نعانى من نقص إنتاج المسلمين؟!، نحن والحمد لله نتناسل كالأرانب طبقاً لشعار كل مولود جاى برزقه، ولسنا فى حاجة على الإطلاق لأى فائض إنتاج، ونحن مستعدون للتصدير إلى كل دول العالم، وبالفعل منطقتنا تصدر اللاجئين والفقراء إلى أوروبا والأمريكتين، فما هى الحاجة الملحة لإضافة وإدخال آخرين إلى القائمة الإسلامية؟، هل هو مجرد غيظ وكيد وخلاص؟، هل هى تصرفات ألتراسات كروية أم توجهات ثقافية؟ هذه تساؤلات من الممكن أن تتيح الإجابة عنها تفسير تلك الفرحة الغامرة والغبطة العميقة المهللة عند دخول سائح إلى الإسلام، والغريب والمدهش أننى لم أسمع عن احتفالات بوذية بدخول مسلم أو مسيحى أو يهودى إلى البوذية، ولم أشاهد ولو صدفة يابانياً شنتاوياً يقف فى طوكيو كل همه أن يدعو هندوسياً إلى الدين الشنتاوى الحق، أو يشغل باله بوسواس هدايته!!، لكننا نحن الوحيدون المتفردون بذلك الوسواس القهرى الإرشادى لزيادة معدل الإنتاجية الدينية دوناً عن العالم كله، ما هى أسباب هذا الهاجس والوسواس المتوطن فى مصر؟ لا أعرف رداً حتى هذه اللحظة، ومن يصل إلى حل تلك المعضلة النفسية ياريت يرسل لى الإجابة.