وصلتنى هذه الرسالة من الصديق د. بهى الدين مرسى عن موضة العلاج بالحجامة والعسل والكروبيوتيك.. إلخ، أختار منها هذه الفقرات المهمة: مسمى «العلم» يعنى أن هناك فروضاً تم إخضاعها للاستقراء والبحث التجريبى، وإثبات النتائج وتحليلها وربطها بالرصيد المعرفى السابق للعلوم، وفى النهاية يتم استخلاص النتائج، وتظل هذه النتائج قيد الثبات إلى أن تجهض بإثبات جديد. 1- الحجامة: وتتم بوخز الجلد فى عشرات النقاط المتجاورة، واستنزاف الجلد بالشفط الخارجى حتى يسيل الدم، والحصيلة هى كتلة من الدم المتخثر الداكن يتجمع فى كأس الشفط، ومعروف علمياً أن الدم المستنزف هنا مصدره الشعيرات الدموية وهى شبكة التقاء الشرايين الدقيقة بالأوردة الدقيقة فى محيط النسيج، وبعد الإرواء الدموى يتحول لون الدم الشريانى من الأحمر القانى (مؤكسج) إلى دم وريدى خالٍ من الأكسجين بعد استهلاكه من قبل الخلايا وهو أقرب إلى القرمزى الداكن، بل أحياناً أقرب إلى الأزرق فى لون كبدة الدجاج النيئة، الطريف أنك ستسمع الحجّام وهو يصيح مندداً: «يا إلهى.. كل هذا دم فاسد»!!! لا يوجد بالجسم دم «فاسد» وآخر «صالح»، بل هناك دم شريانى وردى يزور الخلايا الحية ويسلمها حمولة الأكسجين ويعود حاملاً ثانى أكسيد الكربون ليصبح بعدها قرمزياً داكناً ويذهب الدم للرئة، وهناك يفرّغ حمولته من ثانى أكسيد الكربون ويتم تحميله «بالطلبية» الجديدة من الأكسجين ويعود ليوزعها وتتكرر العملية فيما يعرف بالدورة الدموية. إذن، لا يوجد دم فاسد بالجسم، ولا علاقة لهذا الإدماء بشفاء أى مرض، ولا يعترف الطب أو العلم بهذا الإجراء كعلاج لأى مرض. الحجامة نُسبت إلى النبى الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، وإن صح أنها كانت فى حياته، فهى أيضاً كانت من نصيب الكفار وأبى لهب، فلا توجد أسانيد للنصح النبوى بها، فالنبى الكريم لم يبعثه الله فينا إلا ليتمم مكارم الأخلاق ولم يخبرنا رب العزة أنه مرسل للتداوى. بعد كل هذا، يتبقى أثر الإدماء والتسبب فى فقر الدم، واحتمالية نقل العدوى الفيروسية من متحجّم لآخر عبر أدوات الحجّام، لا توجد كلية طب فى العالم أجازت الحجامة كإجراء علاجى، ولا يوجد بحث علمى واحد رصد أى فائدة منها، قد يقول قائل: ولكنى جربتها وفلحت!! بالطبع لن أكذبك، فهذا ما تظنه أنت بالإيحاء، وما أدراك ما الإيحاء. 2- التداوى بعسل النحل استقراءً للآية الكريمة «يخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»(النحل - 69)، وقد ظن البعض أن المقصد الربانى هو أن عسل النحل صيدلية للتداوى من أى مرض. يا سادة يا كرام، هناك فرق بين لفظ «الشفاء» الوارد فى الآية الكريمة ولفظ «الإبراء». الشفاء ينصب على فك الغمة ورفع علل الصدور وهو الضيق، وهو مرادف للاعتلال النفسى- «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِى الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ» أما لفظ «الإبراء»، فهو علاج المرض العضوى مثل إبراء الأكمه، كما جاء بالقرآن الكريم. (وَرَسُولاً إِلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّى أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ)، عسل النحل به كميات هائلة من سكر الفاكهة تكفى لإدخال مريض السكر فى غيبوبة وربما تنتهى بالوفاة، أما التداوى بلسع النحل، فهو ببساطة تجرّع كميات ضئيلة من السم (أى مادة مضرة لوظائف الجسم هى سم) ومغازلة جهاز المناعة وتحفيزه للتعامل مع السم، ولكن لا ضمانة بقدرة الجسم على التخلص من أثر لدغة النحل وقد تحدث الوفاة، ويزخر تاريخ الطب بضحايا لقرص النحل شأنه شأن النمل والعقرب والثعبان وقنديل البحر.