لايزال الجدل دائراً حول المادة 75 التى تمنع مزدوجى الجنسية ومن تزوج بأجنبية من الترشح لرئاسة الجمهورية، وصلتنى رسائل كثيرة رداً على المتحمسين لها مثل السيدة رشا التى دافعت عن هذه المادة. الردود تنطلق من أن هذه المادة ليست بديهية كما يدعى البعض وليست نصاً مقدساً لا يمس، بل هى مجرد رأى عرضة للنقد والتفنيد.

يقول الأستاذ مصطفى أنور، ملحقنا الثقافى السابق بلندن: «تتساءل الأستاذة رشا إن كان المصريون يقبلون أن تكون (سيدة مصر الأولى) إسرائيلية، والرد بالطبع (لا)، ولكن ذلك ينبغى أن يترك للناخب دون وصاية، وبذلك نترك للشعب حرية القرار، إلا إذا كنا لا نثق فى أن الشعب قادر على اتخاذ القرار الصحيح، وإذا لم تكن هذه الثقة موجودة أصلا فما فائدة الديمقراطية؟، أما مسألة أن الرئيس لا يستطيع اتخاذ قرار حرب ضد دولة زوجته الأجنبية من باب الحرص على نسايبه فهذا قول أساسه هذه الفكرة التى مازالت مسيطرة للأسف على عقول الكثيرين من المصريين بأن الرئيس هو وحده صاحب قرار الحرب والسلام، وهو صاحب السلطة الفرعونية شبه الإلهية دون حسيب أو رقيب، فلا برلمان يراجعه ويسائله، ولا إعلام حراً يراقب ويكشف ويفضح، ولا قادة رأى يحللون ويشرحون ويبَصِّرون الآخرين بالحقيقة.

وإذا توفرت مؤسسات المجتمع الديمقراطى الحر الفاعلة فلن يكون هناك خوف حتى ولو تزوج الرئيس من أربع زوجات أجنبيات! ثم هل تخشى الأستاذة رشا أن يقتضى الأمر أن نعلن الحرب على أمريكا أو بريطانيا إذا كان الرئيس متزوجا من إحدى هذه الدول؟ أليس هذا كله مجرد كلام افتراضى لا معقول؟ هناك دولة عربية قريبة جدا منا مليكها أمه إنجليزية، هل يعيش شعبها فى حالة من القلق لأن البلاد ربما تحتاج إلى إعلان الحرب على إنجلترا؟!

نأتى لمسألة الضباط والزوجة الأجنبية التى ستجلس لتتبادل الحديث عبر «سكايب» مع أمها والجيران فى دولتها الأم عن أسرار زوجها العسكرية، والمثل على طرافته فيه كثير من البراءة، يا أستاذة رشا الجاسوسية لا تحتاج إلى ضابط صغير، فالأرجنتين كانت تجرى مناورات مشتركة مع أمريكا قبل حرب الفوكلاند بينها وبين بريطانيا، وعندما نشبت الحرب سلمت أمريكا بريطانيا كل ما لديها من معلومات عسكرية عن الأرجنتين، ثم فلتراجعى قضايا الجاسوسية فى مصر خلال خمسين عاما وحاولى أن تسألى نفسك، كم من المصريين الذين أدينوا بالتجسس كان متزوجا من أجنبية؟ المفروض ألا نضع مصريين فى قائمة الممنوعين لأننا نصبنا من أنفسنا المدعى والقاضى والجلاد، فهذا أمر لا علاقة له بالديمقراطية ولا حقوق الإنسان من قريب أو بعيد».

يضيف المهندس طارق جابر، قائلاً: «نحن نسعى إلى بناء نظام ديمقراطى وكفء فى الإدارة، لا ينفرد فيه فرد بقرار حتى لو كان الرئيس، وفى مثل هذه الأنظمة يتم اتخاذ القرار بشكل مؤسسى وجماعى ولا يفترض جنوح فرد برغباته أو ميوله بالدولة كلها فى قرار مصيرى بهذا الشكل، فالأساس هو بنية النظام وأسلوب اتخاذ القرار وليس خشية الولاء المزدوج، وفى هذا الإطار فإن المفاضلة هى بين نظام ونظام وليس بين رئيس مصرى صرف ورئيس حمل جنسية بلد آخر أو متزوج من غير مصرية».