قائد سيارة الموت أمام معهد الأورام الذى اقتحم الشارع عكس الاتجاه بكل بجاحة وبرود وعشوائية وفوضى، لم يكن يعبر عن نفسه ولكنه يعبر عن تيار، وإذا كانت التحقيقات المبدئية تشير إلى اتهام «حسم»، فلابد من الحسم مع الفكر الذى أفرز «حسم»، السير عكس الاتجاه الذى انتهى بتدمير وخراب وتفجير وحريق، هو مجرد صورة رمزية من متحف دموى ضخم يضم كل صور البشاعة التى صنعتها أصابع الفاشية الدينية فى العالم، التعافى من أى فاشية صعب، لكن التعافى من الفاشية الدينية أكثرها صعوبة، يقترب من درجة الاستحالة، إذا كان الوطن يطمح إلى المستقبل وسيارته تدوس بنزين إلى الأمام، فسيارة الإخوان والفاشية الدينية كل أملها وأحلامها أن تعود بنا إلى الخلف وعندما يحدث خطأ وتندفع إلى الأمام سرعان ما يدوس فرامل، الماضى واستنساخه والعيش فى خيام أوهامه هو ماكينة تزييف الوعى التى يستخدمها الإسلام السياسى مغازلاً إحساس التبجيل والتوقير لهذا الماضى، ومستغلاً جهل الكثيرين بصراعات هذا الزمن البشرية التى وصلت أحياناً لدرجة القتل، إذا كانت سيارة الوطن تسير ناحية شارع العلم، فالفاشية الدينية تكره التفكير العلمى فتسير عكس الاتجاه حاملة بضاعة الدجل الدينى وعلم إنسان الكهف وخرافاته المنسوجة من رعبه وخوفه، العلم سيفضحهم، بضاعتهم سيصيبها البوار والكساد وتصبح منتهية الصلاحية، منجزات العلم تجعل الشاب الذى كانوا قديماً يستغلون سذاجته وملله من القراءة، ستجعله الآن يبحث بالـ«كى بورد» عن فضائحهم، ستصير له ذاكرة «جوجل» الذى سرعان ما سيسحق ذاكرة السمع والطاعة وتدجين «لا تجادل يا أخى»، إذا كان تموين سيارة الوطن بوقود الإبداع والفن، فسيارتهم التى تسير عكس الاتجاه تموينها الكراهية والحقد والغل والسواد، الفن يسحب البساط من تحت أقدامهم ويغذى الوجدان ويخلق مناعة ضد التغييب ودغدغة المشاعر التى يتقنونها جيداً، سيارة الكذب والتقية الإخوانية عكس الاتجاه ولا يمكن أن تبنى وطناً، سيارة طائر النهضة الإخوانية الفنكوشى عكس الاتجاه فهم لا يضعون جنيهاً فى مشروع استثمارى نافع للبلد، بل كل أعمالهم سمسرة وتجارة أراضٍ وعقارات وعملات، سيارة التخدير بشعار «الإسلام هو الحل» عكس الاتجاه لأننا وطن لا خلافة، وشعب لا رعية، سيارة المظلومية الإخوانية التى تتاجر بشعار «امنحونا الفرصة» تسير عكس اتجاه التاريخ، لأن التاريخ يقول إن «عبدالناصر» منحكم الفرصة وشطب كل الأحزاب وترككم وعين وزيراً منكم فحاولتم اغتياله، وأخرجكم السادات من السجون فاغتلتموه فى ذكرى النصر، منحكم «مبارك» أكثر من ثمانين كرسياً وترك لكم الشارع ترتعون وتمرحون فيه وفى مؤسسات الدولة، ركبتم الثورة وطالبتم بإعدامه فى الميدان، الفرص كانت سلماً ركلتموه بأقدامكم عند الوصول للقمة، ظلت عيونكم المتربصة تقرأ الخريطة يوم ٢٥ يناير حتى اتضحت ملامح الصورة واطمأن قلبكم الانتهازى على الغنيمة، ركوب الموجة ومنح الوعود المزيفة التى تبخرت فى فرن الجشع الإخوانى. سيارتكم صارت خردة منتهية الصلاحية ومن نفايات الماضى.