أطبطب وأدلع، ليس منطق نانسى عجرم فقط وليس مجرد كلمات أغنية، لكنه منطق مجتمع ومفهوم أمة، الجَلد والذبح للمرأة والطبطبة والتسامح للرجل.. فنانة ترتدى فستاناً يراه المجتمع خادشاً لحيائه فيذبحها كما ذبح فتاة العتبة المغتصبة!، لاعب يتحرش على الإنترنت يراه المجتمع فحلاً مغواراً فيتسامح معه، كما استقبل برلمان الإخوان زميلهم السلفى عندما اتهم بالتحرش. لا أتحدث عن عقوبات إدارية أو نقابية فهذا ليس المقياس، لكن المقياس الأهم هو المزاج المجتمعى الذى يشنق تلك ويبرئ ذاك. «الله حليم ستار، واستر مسلماً يسترك الله»، هذا هو الكلام الذى قيل للرجل.. «الحجاب قبل الحساب والحلوى المكشوفة هى سبب تكاثر الذباب وقلة الرزق»، هذه هى العبارات التى قيلت للمرأة! المجتمع الصحى لديه مسطرة واحدة ومعيار واحد للحكم على السلوكيات، أولى مواد دستوره هى احترام الحريات الشخصية، لو طبقنا هذا المبدأ لأرحنا واسترحنا، لكن ازدواجيتنا المقيتة، وتحولنا الفجائى لملائكة تحلق فى سماء الفضيلة، يجعل كل ما نفعله من إدانات وندبجه من تعليقات خالياً من الصدق وفارغاً من الشفافية، نحشر أنوفنا فى خصوصيات البشر بكل لزوجة، وللأسف يجلس أصحاب البيوت الزجاجية المجروحة من أصحاب السوابق ليقذفوا الناس بالطوب. القضية أكبر من لاعب كرة أو فنانة سينما، القضية هى الكيل بمكيالين واختلال المعايير، والأهم هو التحليل المزمن المبنى دائماً على تقييمات ومقارنات دينية، فالمشكلة عند المحللين يختزلونها بسذاجة فى أن اللاعب القديم نتيجة التزامه الدينى كان ينتصر كروياً، أما اللاعب الحالى من وجهة نظرهم نتيجة عدم الالتزام فهو سبب هزيمتنا الكروية!، لا يناقشون الأمر من زاوية الالتزام فى الملعب والمعسكر ولكن من زاوية الالتزام فى الزاوية!، وكأن ميسى ورونالدو ونيمار كانوا من أولياء الله الصالحين، المشكلة ليست فى تجاوز مباراة أو مكسب دورة كرة قدم، لكن المشكلة الحقيقية فى تجاوز أمراضنا النفسية وعلى رأسها الفصام، المشكلة هى فى الإستجماتزم الأخلاقى والحول القيمى فى نظرتنا للأمور، المشكلة هى فى الحشرية، هى فى نسيان أخطائنا الماضية والتعامل مع الآخرين من منطلق تعالى المثالى على الخطّاء، المشكلة فى هوس الوصاية، تعليق المشانق لشخص، وتعليق أطواق الياسمين لشخص آخر اقترف نفس الخطأ، هو خلل واضطراب وتشوش رؤية، منح اللعنات لامرأة لأنها امرأة ومنح الأوسمة لرجل لأنه فقط مجرد رجل، هى خطيئة وجريمة مكتملة الأركان، اليوتوبيا وهم لا يسكن إلا خيال الروائيين، والمدن الفاضلة تسكنها الأشباح، لا أحد يمتلك كتالوج الأخلاق ممن نصَّبوا أنفسهم أوصياء علينا، نتمنى أن يحكمنا قانون واحد ومعيار مشترك ومواصفات قياسية أمينة تطبق بصرامة وعدالة على الجميع، لا تحكمها ذائقة ذكورية، أو بوصلة سلفية.