بينما نحن نتناقش بجدية وغضب ونتجادل حول ما إذا كان الشطاف مُفطراً أم لا، وما إذا كان بول الإبل وجناح الذبابة والتمر بأعداد فردية هى علاجات ناجعة لكافة الأمراض المستعصية؟!، فى نفس الوقت الذى نحن غارقون فيه حتى البلعوم والحلقوم فى تلك القضايا المصيرية العلمية العويصة المزمنة، إذا بعلماء فى كامبريدج يوم الأربعاء الماضى يعلنون من خلال النشر فى مجلة «Nature» أشهر المجلات العلمية فى العالم عن تمكنهم من خلق كائن حى باستخدام حمض نووى تم ابتكاره وصناعته فى المعمل، وهذا الكائن هو نوع شهير من البكتيريا اسمه E-coli، وهذا رابط البحث https: //www.nature.com/articles/s41586-019-1192-5 ثورة علمية رهيبة من خلال علم الهندسة الوراثية ستقلب عالم الطب رأساً على عقب وستجعل رفوف أدوية الصيدليات بعد سنوات قريبة هى مجرد ذكرى وفرجة متاحف!!، وسأعرض عليكم المعلومات مبسطة بقدر الإمكان، وعليكم الدخول إلى المجلات العالمية والجرائد التى عرضت تفاصيل البحث، لتستكملوا فهم خطوات تلك الثورة العلمية: قام علماء كامبريدج، بقيادة عالم البيولوجيا الجزيئية جيسون تشين، بتبديل قطع الحمض النووى الطبيعية للبكتيريا قطعة قطعة حتى حل الجينوم الاصطناعى محل الجينوم الأصلى بكامله، وبمجرد أن أصبح الحمض النووى الجديد فى مكانه، نمت البكتيريا بشكل غير عادى، وتابعت دورة التكاثر البطيئة، ثم استمرت على نحو طبيعى، يأمل تشين فى زيادة تبسيط العملية، ما قد يؤدى إلى الحصول على حياة اصطناعية رخيصة الثمن. ويتوقع علماء مثل فين ستيرلنغ عالم الأحياء بجامعة هارفارد أن تخلق هذه التكنولوجيا أنواعاً أخرى فى المختبر مستقبلاً. يحتوى الجينوم الاصطناعى على أربعة أزواج قاعدية، ووحدات رمز جينى مطبوعة بالكامل على أوراق تمتد على 970 صفحة، مما يجعل هذا الجينوم هو الأكبر الذى بناه العلماء حتى الآن، والحمض النووى كما هو معروف ملفوف داخل نواة الخلية ويحمل الإرشادات التى يحتاجها للعمل، وعندما تحتاج الخلية مثلاً إلى مزيد من البروتين لتنمو، فإنها تقرأ الحمض النووى الذى يشفّر البروتين الصحيح. بعد أكثر من 18 ألف تعديل، النتيجة الواردة فى دورية «نيتشر» Nature هى بكتيريا تحتوى على رمز DNA متغير جذرياً. قبل هذه الدراسة، كان أطول امتداد للحمض النووى المشفر اصطناعياً حوالى مليون مقطع. هذا الجينوم البكتيرى الجديد يبلغ أربعة أضعاف هذا الطول.