ما زالت صرخات هيئة تدريس الجامعات المصرية حرّاس العلم ترتفع، لعل أحداً يستجيب، وما زال صندوق رسائلى يئن من ضخامة ومأساوية المحتوى.. اخترت بعض تلك الصرخات. يا دكتور خالد، والله طول ما الهرم مقلوب بلدنا ما هتنهض ولا هتقوم، أنا جارى معاه إعدادية والله بيقبض 8 آلاف جنيه، وبياخد حوافز 4 آلاف جنيه فى الشهر، يعنى 12 ألف جنيه، وأنا مدرس مساعد، يعنى الأول على الكلية ودراسات عليا وماجستير ومسجل دكتوراه، وباخد فى إيدى 3500، ومطلوب منى مظهر معين ومصاريف على شغلى وبحثى فى الوقت اللى هو مش مطلوب منه أى حاجة، حرااااااام، ومش عارف أشتغل أى حاجة تانية، الجامعة مانعة، يقول لك شرف وكرامة المهنة واحنا بناكل طوب! د. أحمد أنا دكتور مهندس فى هندسة عين شمس، وعشان أحسّن دخلى أصبحت أعمل فى ٣ أماكن وتوقفت عن البحث العلمى بسبب ذلك. د. وليد هذه هى مرتباتنا: المعيد يتراوح من ٢٨٠٠ إلى ٣٠٠٠. مدرس مساعد من ٣٨٠٠ إلى ٤٠٠٠. مدرس من ٥٢٠٠ إلى ٥٨٠٠، على حسب الأقدمية. أنا على درجة مدرس، مرتبى ٥٤٠٠ جنيه، أقل من مرتب عامل النظافة الذى يسكن فى نفس الشارع. د. أسامة - هندسة جامعة إقليمية أنا حالياً على درجة أستاذ، وأعمل فى هذا المجال منذ ما يزيد على 25 عاماً، فهل تصدق أن مرتبى 6560 جنيهاً بعد ٢٥ سنة فى التعليم العالى، حينما أناقش رسالة ماجستير أو دكتوراه أقرأ الرسالة وأنقحها وأراجعها فى حوالى من 20 يوماً إلى شهر، وبعد ذلك تتم المناقشة وأتقاضى عليها 79 جنيهاً، وحينما أكون مشرفاً على رسالة ماجستير أو دكتوراه لمدة تتراوح من 3 سنوات إلى خمس سنوات وتتم مناقشتها أتقاضى عليها 260 جنيهاً كمشرف... حسبى الله ونعم الوكيل. د. أيمن هل يعلم السادة وزراء المالية والتعليم والتعليم العالى أن أعضاء هيئة التدريس بجامعات مصر هم الفئة الوحيدة على مستوى الدولة التى تترقى إلى الدرجات الأعلى بمجهودها وعلى حسابها الخاص، أى من قوت أولادهم؟ إخراج رسالة ماجستير أو دكتوراه للمناقشة (على الأقل بحثان منشوران فى مجلة علمية متخصصة ذات مكانة)، أبحاث الترقية لأستاذ مساعد أو أستاذ، يحتاج كل بحث إلى العديد من التحاليل سواء كيميائية أو فيزيائية أو بيولوجية. وقد يقول أحدهم إن هذه التحاليل على حساب الجامعة، فكم تدفع الجامعة؟ ارجع إلى قانون الجامعات لسنة 1972، اتصل بى أحد الزملاء (درجة أستاذ) لأعتذر لطلاب إحدى الفرق التى يدرّس لها عن حضوره لإلقاء محاضرته لظروف طارئة، وعند مقابلته، ولأنى أعلم مدى حبه لعمله وطلابه، سألته عن سبب عدم حضوره، والله لم أصدق عندما رأيت الدموع فى عينيه، وأنا أصر على معرفة الحقيقة، فقال: لم تكن معى أجرة السفر. وغادر مكتبى من فوره، وظل يتحاشى مقابلتى لأكثر من شهر، هل وصل حال أستاذ الجامعة إلى أن يتسول حتى يذهب لإلقاء محاضراته؟ نظرة إلى حال أساتذة الجامعة... حرام. د. ياسين إجمالى مرتبى ٣٧٦٠ جنيهاً، وأنا من إحدى محافظات الأقاليم، أسكن مع أسرتى الصغيرة فى شقة إيجار، كما أسكن مع خمسة من زملائى فى جامعة القاهرة فى شقة إيجار فى شارع العشرين (حاجة كده ما شاء الله ٥٠ قول ٦٠ متر) يعنى كل ٣ من أعضاء هيئة التدريس الموقرين فى أوضة، بدون مبالغة والله 70% من المرتب مصروف على الإيجارات والمواصلات، ونقضى حياتنا بفتات ما تبقى (قول 1000 أو 1200 جنيه)، مع بداية كل أسبوع، وحين يأتى وقت السفر تتشبث ابنتى الصغيرة بساقى وتقول ما تسافرش والنبى يا بابا، لأعود إليها بعد أربعة أيام، وعلى الحال ده كل أسبوع، أوهمها بأنى ذاهب إلى العمل فى الجامعة التى توفر لها الأموال التى أشترى بها الحلوى، لكن مع الوقت اكتشفت أنها الحقيقة: الحلوى وفقط، فأنا لا أستطيع أن أوفر لها مكاناً فى حضانة لأنه باختصار أقل حضانة بحوالى ٧٠٠ جنيه، ده غير اللبس ومصاريف العلاج اللى بنستلفها. وبصراحة أقولها: كنت أنتظر الوقت الذى أرد فيه جزءاً مما فعله أبى وأمى من أجلى وأجل إخوتى، لكنى حتى الآن أبى يعطينى المال وقت كل زيارة أذهب فيها لأراه، وكانت صدمتى من أيام قليلة عندما وُفقت فى أن أحصل على منحة السفر للندن لجمع مادة علمية لموضوع الدكتوراه، منحة ممولة بشكل جزئى من جهة بحثية فى المملكة المتحدة، ولك أن تتخيل سيدى أن طلبى للحصول على التأشيرة قد رُفض، لماذا؟ لأنهم رأوا أن ظروفى الشخصية والاجتماعية والاقتصادية فى مصر لا تجعلهم مطمئنين بأننى سوف أعود مرة أخرى، وأنهم على قناعة بأننى سوف أبحث عن فرصة أفضل للعيش على الرغم من أننى أعمل فى الجامعة الأم. وكتبوا مرتبى، وبين قوسين ١٦٠ جنيهاً استرلينياً. وما زلنا نعانى.. د. محمود طمّن سيادة الوزير بأن الأمور ليست على ما يرام، ولكن ما زلنا أحياء تحت قسوة التهميش.