المتطرف فى أى دين وأى عقيدة مثل حدقة العين، كلما سلطت عليها الضوء ضاقت أكثر، المتطرف يعيش داخل شرنقته الدينية، ينعزل داخل جيتو قبيلته، لا فرق عنده فى أن يقتل مختلف الدين كما حدث فى مسجد النور بنيوزيلندا، وأن يقتل من نفس دينه كما حدث فى مسجد الروضة بسيناء. ‏يولد التطرف والإرهاب فى نفس اليوم الذى تولد فيه فكرة احتكار الجنة، تبدأ بذور الفاشية فى طرح ثمارها الدموية فيك يوم أن تدعى مصادرتك للسماء، وأنها نزلت من الأعلى لتستقر فى قلبك أنت فقط وقلب عشيرتك الدينية. السؤال الذى طرحه بعض المفكرين: هل سيكون مشهد المستقبل لأصحاب أديان الشرق الأقصى الذين لا يحتكرون الجنة، وهم يشاهدون ضحايا الأديان الإبراهيمية وهم يبيدون بعضهم بعضاً من أجل الجنة؟!، سؤال صادم لكن ما نراه ونسمعه يجعله سؤالاً مشروعاً. إرهابى نيوزيلندا يحمل كراهية وإرهابى الروضة يحمل نفس الكراهية، برغم أنه فى الحالة الأولى الإرهابى يقتل أصحاب دين مختلف، وفى الحالة الثانية القاتل والضحية من نفس الدين، إلا أن ما يجمع الحادثتين هو كراهية الاختلاف، كراهية الآخر المغاير، ديناً أو جنساً أو عرقاً، أكثر من ثلاثمائة قتيل فى حادثة مسجد الروضة، وأكثر من خمسين حتى لحظة الكتابة فى حادثة مسجد نيوزيلندا، إنه الجنون بعينه، كرة بنزين عنصرية معلقة فى ذيل ضبع جائع يعدو فى حقل قمح العالم، الفاشية الدينية سرطان يسكن أجساد كل من يفكر بشكل إقصائى دينى، الفاشية الدينية مدانة تحت أى مسمى، ومجرم من يمارسها تحت لافتة أى دين أو عقيدة. ما حدث فى نيوزيلندا مذبحة تثبت أن من يقيم الإنسان طبقاً لدينه هو أخطر المجرمين والسفاحين والإرهابيين، جماعة القتلة فى مسجد الروضة اغتالوا جماعة صوفية صنفوها على أنها ليست الفرقة الناجية، وقاتل نيوزيلندا صنفهم على أنهم خارج دائرة الخلاص، والصهيونى الذى سيقتل الفلسطينى سيقتله لأنه ليس من أفراد شعب الله المختار، والذى فجر الكنائس فى مصر فجرها على خلفية أنه وريث خير أمة على الأرض، اقتطاع جسد الدين على طاولة التشريح بين المتعصبين سيكتب نهاية العالم وينقله كله إلى ثلاجة مشرحة النهاية وقبر الزوال. التعصب يكتب نهاية التاريخ.