يوم الجمعة الثالثة من شهر مارس من كل عام، هو اليوم الذى حدّدته الرابطة العالمية لطب النوم، ليكون الاحتفال العالمى لهذا الفرع الجديد المدهش من علوم الطب، كنت دائماً ألجأ فى تلك المناسبة إلى الصديق العالم الجليل الجميل د. طارق أسعد، أستاذ الطب النفسى المعروف، لأتعرف على الجديد الذى كان يتابعه ساعة بساعة، عرفت على يديه ما هو معنى طب النوم؟، وكيف أنه تخصّص لا بد أن نهتم به، ونوليه العناية والرعاية؟، زُرت معمل النوم الذى أنشأه، ولمست مدى الجهد الذى عاناه للنهوض به، هذا العام أفتقده، ففى الليلة الظلماء يُفتقد البدر، هذا العام رفع شعار «النوم الصحى صحة لكل الأعمار»، ثلث حياتنا نقضيه فى النوم، ورغم ذلك لا نهتم باضطراباته التى تزيد على سبعين اضطراباً!! الأرقام مزعجة ولا بد من تذكرها دوماً فى مثل هذا اليوم، 37٪ من الأفراد فى المجتمعات المتقدّمة يعانون من الحرمان المزمن من عدد ساعات النوم المطلوبة خلال الليل، نتيجة الأرق المزمن واضطرابات الساعة البيولوجية وغيرها، كما تصيب متلازمة انقطاع التنفّس أثناء النوم نحو 6 - 8٪ من الأفراد، حسب دراسات مختلفة، وهو من الأمراض المنتشرة بنسبة 4% عند النساء، مقارنة بـ11% عند الرجال، ويُعد فرط الوزن وارتفاع ضغط الدم والتدخين من عوامل خطر الإصابة به أو زيادة حدّته، أكثر الأطباء يهتمون بما يُطلق عليه «الظواهر المرتبطة بالنوم» مثل الكوابيس والفزع الليلى و(الكلام أو المشى أثناء النوم)، وقد تتدخل عوامل عضوية أيضاً، مثل ارتجاع المرىء، والصرع، أثناء النوم، أو عدم انتظام ضربات القلب أثناء النوم، و«اضطرابات دورة النوم واليقظة»، حيث المشكلة ليست فى قلة النوم أو زيادته، لكن المشكلة فى توقيت النوم ذاته، وغالباً ما تصيب العاملين بمهن الدوريات مثل التمريض، أما الأخطر، والذى لا بد من مواجهته بخطة سريعة هو ما يسمى باضطرابات النوم أثناء النهار، أو النعاس أثناء أوقات العمل، أو داخل المواصلات والمحاضرات، ومن أهم وأخطر أسبابه هو «الاختناق الليلى التنفسى»، الذى يؤثر على كفاءة عملية النوم على الأشخاص المصابين بضيق فى مجرى التنفس العلوى، ذلك الاختناق قد يسبّب «الشخير» الناتج عن انغلاق مجرى الهواء، وبالتالى يحدث نقص الأكسجين، الذى يؤثر فى المخ ويتسبّب فى إيقاظ الشخص النّائم على فترات متقاربة، وهناك أيضاً «مرض النوم الانتيابى»، الذى يعنى تعرض الشخص لنوبات من النوم المفاجئ دون أسباب، وهو غير منتشر، وغالباً ما يحدث فى مرحلة «النوم الحالم» الذى يتوقف فيه النشاط العضلى؛ أى ربما نجد الشخص سقط سهواً أو فجأة على الأرض دون سبب واضح، فضلاً عن وجود مشكلات فى الكبد أو الغدة الدرقية، قد تؤدى إلى النوم أثناء النهار. قلة النوم ليست مجرد تعكير مزاج، لكنها سبب أصيل لكوارث حوادث الطرق، ٤٠% من حوادث الطرق سببها اضطرابات النوم، الرقم مرعب، وكما أن هناك اهتماماً بالكشف عن المخدرات لتقليل حوادث السيارات، لا بد أن نولى الاهتمام بعلاج اضطرابات النوم التى تتسبّب فى عدد حوادث أكثر من الناتجة عن المخدرات.