كيف دمر إخوان مصر وسلفيوها سوريا؟ كيف كان دورهم محورياً وفاعلاً ومخرباً لذلك البلد الشقيق؟ كتاب مهم يوثق تفاصيل هذا الدور، كتاب «البنادق المستأجرة» للكاتب والمحامى وليد يوسف البرش، وهو واحد ممن عرفوا كواليس حركات الإسلام السياسى فى مصر جيداً، فى الفصل الأول من الكتاب يحاول المؤلف الإجابة عن سؤالين مهمين، الأول لماذا أطلق الإخوان أكذوبة الجهاد فى سوريا؟، ولماذا حشدوا أنصارهم وحلفاءهم للترويج لتلك الأكذوبة؟، أجاب من خلال استعراض شكل مصر بعد 25 يناير وكيف انهار الأمن فى سيناء بعد سقوط الشرطة؟، ماذا فعل العفو عن قيادات الإرهابيين وعن الجرائم السياسية؟ الإخوان كانوا يعرفون أن عدوهم الأساسى قبل الشعب هو الجماعات الإسلامية المنافسة لذلك قرروا إرسالها لسوريا. وفى الفصل الأول توثيق لمقتلة قادة الإرهاب المصريين فى سوريا وهى من أهم أجزاء الكتاب، هناك أبوالفرج المصرى المنضم لجبهة النصرة، وأبوهانى المصرى القيادى فى حركة أحرار الشام، وأبوياسر المصرى الذى قاد تنظيم الجماعة الإسلامية فى سوريا، وأبوالعلا قاتل فرج فودة، وأبوحمزة المصرى... وغيرهم الكثير ممن فتحت لهم عصابة الإخوان باب الجهاد المزعوم. استعرض الكتاب اقتتال المجاهدين أنفسهم فى إدلب نتيجة تضارب الفتاوى ما بين منظرى هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام! وانتقل الصراع إلى ساحة أخرى ما بين الداعشى المحلى ابن البلد والداعشى المهاجر الضيف الطامع. لكن كيف خدر الإخوان هؤلاء الشباب وحولوهم إلى بنادق مستأجرة؟ خدروهم بالاحتلال العقلى عبر المراحل الأربع، الأولى تقديس القادة، الثانية السمع والطاعة، ثم الأوهام الثلاثة وهى وهم اضطهاد المسلمين فى سوريا وتكفير النظام ووهم وجوب الجهاد، ثم المرحلة الأخيرة وهى الحرب الدائمة مع العالم. يستعرض الكاتب الفهم الخاطئ لآيات القتال، الذى زيفوا من خلاله وعى الشباب، وبعد هذا التزييف أقنعوهم بأن صلاة المسجد الأموى أولى من صلاة الأقصى. أما عن كيف تطورت الأكذوبة فيحكيها وليد البرش تحت عنوان «شيطنة الدولة السورية» وذلك من خلال خطوات كثيرة، الخطوة الأولى فيديوهات البطش والتنكيل، الثانية مهاجمة العلماء السوريين وعلى رأسهم البوطى الذى حرض على قتله القرضاوى، الخطوة الثالثة هى البيان المشئوم الخطير بيان 7 فبراير 2012 الذى وقع عليه مائة وسبعة من علماء المسلمين، كانت هناك فى البيان نقاط تحريضية على الجيش السورى ودعم من يطلقون عليهم الثوار وهم بالطبع من الجهاديين الإخوان والسلفيين، وللأسف إلى جانب توقيعات صفوت حجازى والقرضاوى والحوينى كانت هناك توقيعات مفتى مصر آنذاك الشيخ على جمعة وأيضاً الشيخ نصر فريد واصل. بعد شيطنة الدولة السورية يأتى دور تسهيل الطريق إلى سوريا من خلال إنشاء أماكن استقبال للشباب فى سوريا، حيث سافر «حازمون» وهيئة أنصار عاصم عبدالماجد وجماعة حافظ سلامة، وتم السفر عبر تأشيرة تركيا، بدأت طمأنة المجتمع بأن العائدين من سوريا ليس منهم خطر طالما الإخوان فى الحكم، وقد اشترك بعض الإعلاميين فى التحريض على السفر إلى سوريا ومنهم يسرى فودة، ثم جاءت الكارثة عبر دعم الدولة المصرية تحت حكم الإخوان لأكذوبة الجهاد الإسلامى فى سوريا، بداية الدعم كانت فى 13 يونيو 2013 فى اجتماع فيرمونت الذى أطلق عليه موقف علماء الأمة تجاه القضية السورية، الذى ادعوا أنه كان تحت رعاية الأزهر، وأكد ذلك الشيخ حسن الشافعى المستشار وعضو هيئة كبار العلماء الذى لا تخفى ميوله الإخوانية على أحد، وأعلن فيه صفوت حجازى تكوين كتائب السنة للجهاد فى سوريا، أما الجمعة 14 يونيو فكانت خطبة العريفى التى أعلن فيها أن مصر أرض التمكين، ونادى بعدم خذلان المجاهدين السوريين، جاء التتويج يوم السبت 15 يونيو، ذلك اليوم المأساوى الكارثى، مؤتمر دعم الثورة السورية فى استاد القاهرة، الذى تم فيه إعلان قطع العلاقات مع سوريا وسحب السفير المصرى هناك، تم التصعيد وبموقف رسمى صريح، الجزء الأخير من الكتاب لفضح جهاد النكاح فى سوريا وبالأسماء والتفاصيل. «البنادق المستأجرة» كتاب لمجتمع ذاكرة السمك الذى دائماً يبدأ تاريخه من الصفر وكأن عبرة ودروس الزمن والتاريخ سراب وبصمات على الماء.