دعوة تجديد الخطاب الدينى التى أطلقها الرئيس منذ عدة سنوات ما زالت لا تجد صداها على أرض الواقع، نتيجة عوامل كثيرة كتبنا عنها مراراً وتكراراً، لكن هناك من حين إلى آخر تفتح طاقة نور تعيد إلينا الأمل فى الاستجابة لهذا النداء، من ضمن تلك النوافذ التى استقبلت خيوط أشعة شمس التجديد الدينى، نافذة الكتب الجديدة الصادرة عن وزارة الأوقاف، وعلى رأسها كتاب «الكليات الست» للدكتور محمد مختار جمعة، الكتاب كفكرة ورؤية هو نموذج مثالى، فهو يتمرّد على القوالب المصمتة المحنطة والكليشيهات المحفوظة، فالكليات الخمس التى حفظناها مئات السنين، وهى الدين والنفس والعقل والمال و«النسل والنسب والعرض» ليست قرآناً، وقد وضع د. مختار جمعة الوطن على رأس تلك الكليات والأولويات، فصارت الكليات الست، وهنا الفرق أن يكون المجتهد مرناً يحترم التغيير ويخرج من تمثال الجرانيت الصخرى، الذى يريد دفننا وقولبتنا فيه تيار سلفى خاصم الحداثة، هاجم وزير الأوقاف التديّن الشكلى والتدين السياسى، وأكد أن القضية عند جماعات التكفير ليست قضية دين على الإطلاق، إنما قضية صراع على السلطة بشره ونهم، وقال إن الإسلام لم يضع قالباً جامداً لنظام الحكم، وإنما وضع معايير عامة هى العدل والمساواة والأمن، وحيث تكون المصلحة فثم شرع الله، كما أكد الطوفى والشاطبى وآباء الاستنارة، وأنه يجب ألا تنشأ فى الدولة سلطات موازية، ونادى بإلغاء الأحزاب الدينية، سعدت بهذا الكتاب وبجهد د. مختار جمعة، لكننى أريد توضيحاً أكثر، وليكن فى رسالة أنشرها لتعميم الفائدة، فالكثير من القراء سيفهمون الحفاظ على الدين، الذى هو من الكليات الست على أنه تنفيذ حد الردة، أريد من وزير الأوقاف حسم تلك النقطة، وبيان أنه لا يوجد حد للردة، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وأن الله لا يحتاج حماية من البشر ولا يحتاج أناساً يأخذون بالثأر حماية لتعاليمه، التوضيح مهم، لأن جرائم الذبح والقتل التى تتم، والأعراض التى تُستباح، والدماء التى تنزف، كلها باسم حد الردة، لذلك أطلب التوضيح الحاسم البات الذى لا يحتمل المعنيين، ولا الوجهين ولا الفهمين.