بعد عشر سنوات من حصوله على جائزة الدولة التشجيعية عن كتابه الذى كان أول كتاب رصد ظاهرة الدعاة الجدد وألقى عليها الضوء وحللها وشرّحها، نشر الكاتب الصحفى وائل لطفى كتابه الثانى «دعاة السوبر ماركت»، مواصلاً فيه التنقيب عن تلك الظاهرة حتى العمق والجذور. الكتاب صغير الحجم، كبير وعظيم القيمة، تغلفه زاوية رؤية جديدة ومختلفة ومتفردة للكاتب، ربط فيها بين ظاهرة الوعظ البروتستانتى وظاهرة الدعاة الجدد، مستعرضاً بداية الواعظ «بيلى جراهام» ودعم رجل الأعمال «وليام هيرست» له، و«الكوبى بيست» الاستنساخى الذى فعله رجل الأعمال السعودى صالح كامل مع الداعية عمرو خالد الذى احتل منفرداً ربع الكتاب، لأنه حجر أساس مهم فى هذا البناء الوعظى المؤثر المغيِّب للعقول والمضلل للوجدان. حلل وائل لطفى ظاهرة عمرو خالد، كنموذج ودليل ومادة دراسة، بتفاصيلها. ونشر حواراً أعتبره من أهم الحوارات الكاشفة لبداية ونمو تلك الظاهرة، وتستحق وحدها دراسة حالة، أبرز فيها دور المال والإعلام فى بزوغ الظاهرة التى حدد المؤلف بدايتها منذ ما قبل عمرو خالد، مع بزوغ نجم ياسين رشدى وعمر عبدالكافى، والربط بين الثروة والإيمان، واستقطاب النخبة الأرستقراطية الثرية. وحدد المؤلف أهم تميز أو اختلاف اتصف به هؤلاء، وهو أنهم خارج المؤسستين، الأزهر والجماعة السلفية، وهو ما جعل المذاق مختلفاً والتأثير عالى النبرة ومؤثر البصمة، فاللغة لغة تنمية بشرية سهلة، والزى كاجوال، يشبهنا ومنا، وليس ضيفاً غريباً من غياهب الماضى، والوسيلة ليست منبراً عتيقاً، ولكنها فضائية وقمراً صناعياً ووسائل تواصل. حلل الكتاب أيضاً علاقة الدعاة الجدد بالإخوان تحت عنوان «غرام وانتقام»، بداية من عمرو خالد الذى تتلمذ على يد وجدى غنيم، وانتهاء بمصطفى حسنى صاحب فيديو تمجيد زينب الغزالى وأردوغان، وأخرج من الظاهرة معز مسعود الذى تسلل من ثغرة أخرى هى ثغرة إنتاج البرامج والدراما والارتباط بالنجوم والفنانين وتدشين نفسه باحثاً فى الإلهيات ومحارباً للإلحاد. الخيط الذى يربط الجميع هو شهوة المال العطشى التى لا ترتوى ولا تنتمى لزهد أو «يا دنيا غُرِّى غيرى»!!، والتى انتهت مع عمرو خالد لكوميديا ومسخرة إعلان الفراخ الشهير الذى كان مسمار نعش ظاهرة عمرو خالد الذى يحاول استعادة الروح دون جدوى حتى الآن. ويُنهى وائل لطفى كتابه القيِّم بمناقشة ظاهرة «الإعجازيون الجدد» الذين يغطون على عجزنا العلمى المزمن كمسلمين. كتاب «دعاة السوبر ماركت» الصادر عن «دار العين»، هو كتاب مهم لفتح مناقشة ثرية حول ظاهرة الدعاة الجدد الذين سمموا آبار الروح وغيّبوا العقل وجعلوا من المليارات وكنز البنكنوت هدفاً وغاية، فصار البيزنس هو الأصل والدعوة هى الفرع.. شكراً للمجتهد الجاد المدقق وائل لطفى فى زمن كتابة التيك أواى.