ما زلنا نتحدث عن المغالطات المنطقية فى حوارنا الذى يفتقد لأبجديات الحوار، أحياناً الحوار شجار، أحياناً ابتزاز، أحياناً مبارزة قبلية دموية، أحياناً هو حوار فم ثرثار وأذن صماء، ثلاثة أرباع مشاكلنا نتيجة هذه الأنيميا الحوارية التى انقلبت إلى سرطان، صارت برامج التوك شو العربية صراع ديوك، صارت المدرسة لا حوار فيها، بل تسلط وقمع، انتقل رويداً رويداً إلى جميع المفاصل، نستكمل آخر المغالطات المنطقية التى تسرّبت كالسوس إلى حواراتنا ومناقشاتنا. كثيراً ما تلقى فى وجه محاورك بقفازات الكلمات المفخّخة.. المشحونة.. المضللة عن الهدف الأساسى، مثل أن تبدأ كلامك بكلمة يُدعى فلان، أو تضع وصفاً مكروهاً محمّلاً بمفاهيم سلبية مسبقة مثل أن تقول: «اقتراحى رفضته البيروقراطية»، رغم أن اقتراحك من الممكن جداً أن يكون قد رفض بسبب أنه اقتراح سخيف رفضه مسئول حكومى شريف يتقن عمله، نحن نستسهل أن تقف حجتنا على عكاز الألفاظ الانفعالية المقحمة. مغالطة المنحدر الزلق أو أنف الجمل، الاسم مستمد من خيال البدوى، الذى يتخيل أنف الجمل مقتحماً عليه الخيمة، ثم داساً رأسه ثم رقبته ثم جسده كله! فنحن نرفض الشىء الذى من الممكن أن يكون مفيداً، بحجة أننا لو تركناها على البحرى ستحدث سلسلة من الكوارث، فمثلاً نقول عايزين تحددوا جنس الجنين، بكرة تحددوا لون عينيه وشعره، أو نقول انتم عايزين الطلبة تشارك فى اختيار المقرر، بكرة تقولوا يحطوا الامتحان، وبعدها ييجوا يدوا محاضرات بدل الأساتذة!! إحنا يا نشيل ونرفع الدعم، يا إما حنفلس ونشحت! مغالطة القسمة الثنائية المزيفة، التى نبنى حجتنا فيها على افتراض أن هناك اختيارين فقط للمفاضلة، لا يوجد بديل آخر أو احتمال ثالث، هذه المغالطة تعبر عنها الجملة الإنجليزية الشهيرة «AMERICA، LOVE IT OR LEAVE IT». ممكن شىء يحصل مع شىء فى نفس الوقت تحوله أنت فى حوارك إلى شىء بيسبب شىء!، هذه مغالطة السبب الزائف، مثلما يحدث عندنا فى الطب أن نقول إن الحمى هى سبب الطفح الجلدى، والحقيقة أنها حدثت معها، أما السبب الحقيقى للاثنين فهو الفيروس مثل الحصبة، أو يقال إن الثقافة الجنسية هى سبب الإيدز، رغم أنه مع انتشار الإيدز زادت الحاجة إلى الثقافة الجنسية التى تحمينا منه. اعتقد الديك أن الفجر يأتى بسبب صياحه، لأن الشمس تشرق بعدها! هذه هى المغالطة البعدية، بفتح الباء، فعلنا مثل الديك عندما اعتقدنا أن كارثة تسونامى جاءت بعد ارتداء النساء للمايوهات فى هذه المنطقة السياحية! بعد كل هذه المغالطات، هل كل هؤلاء الطلبة الذين يحصلون على الدرجات النهائية فى المنطق يعرفونه أو يفقهون شيئاً عنه.. أشك.