وصلتنى رسائل عديدة من أمهات يعشن ذعراً ورعباً من أخبار متداولة ومقاطع من برامج وتصريحات من البعض أن سبب مرض التوحد هو التطعيمات، وبدأ اللغط يزداد لدرجة أن بعض الأمهات بدأن فى الامتناع عن تطعيم أطفالهن، ولأن وزارة الصحة المصرية لم تصدر أى بيانات أو توضيحات، اضطررت للبحث فى المراجع والتقارير، وللأسف وجدت وزارة الصحة الإسرائيلية هى التى كتبت أقوى رد على هذا الكلام، وملخصه ما يلى: توصل خبراء دوليون إلى استنتاج، بشكل لا يترك أى شك، وهذا ما يتبين أيضاً من معطيات أبحاث، بأن التطعيمات بصورة عامة، والتطعيم ضد الحصبة، النكاف والحصبة الألمانية (MMR) بصورة خاصة، لا تسبب التوحد. فيما يلى ملخص لأربعة من الأبحاث الكثيرة التى دحضت إمكانية تسبب تطعيم الثلاثى - MMR فى التوحد: فى عام 1999 قام الباحث برينت تايلور (Brent Taylor) وزملاؤه بإجراء بحث مدروس ومراقب جيداً فحصوا خلاله العلاقة المتبادلة بين تلقى التطعيم الثلاثى (MMR) وبين تطور مرض التوحد. لقد فحصوا سجلات 498 طفلاً يعانون من التوحد ومن اضطرابات ذات خطوط توحدية (Autism like disorder). إن الأطفال الذين شملهم البحث تم أخذهم من سجلات أطفال متوحدين من مقاطعة North Thames فى إنجلترا من الفترة التى سبقت عام 1998 (العام الذى أدخلوا فيه استعمال التطعيم الثلاثى - MMR إلى نظام التطعيم الروتينى)، وما بعدها. الباحث تايلور قام بفحص انتشار مرض التوحد فى كل مجموعة (الذين تلقوا التطعيم بعد عام 1988، والذين لم يتلقوه قبل 1988). كما قام بفحص سن الطفل وقت تشخيص التوحد. استنتاجاته ومعطياته: نسبة الأطفال الذين تم تطعيمهم كانت متشابهة فى صفوف الأطفال الذين يعانون التوحد، والأطفال الذين لا يعانون التوحد. لم يتبين وجود اختلاف بسن تشخيص التوحد فى صفوف أطفال تلقوا التطعيم، وبين الذين لم يتلقوا التطعيم. المدة الزمنية بين موعد بداية أعراض التوحد، وبين موعد إعطاء التطعيم كانت مختلفة من حالة إلى حالة (بعد مرور شهرين، أربعة أشهر، أو ستة أشهر). هذه المعطيات لا تدعم آلية وجود علاقة بيولوجية بين التطعيم والإصابة بالمرض. أبحاث أخرى نشرتها الباحثة نتالى سميث (Natalie Smith) فى المجلة العلمية Journal of American Medical Association، والباحث هيرشيل جيك (Hershel Jick) فى صحيفة British Medical Journal أظهرت أن الارتفاع فى التقارير عن الأطفال الذين يعانون التوحد ليس مرتبطاً بارتفاع استعمال التطعيم الثلاثى- MMR. أكبر بحث درس العلاقة المتبادلة بين التطعيم الثلاثى - MMR وبين التوحد، نُشر عنه فى الصحيفة الأمريكية الراقية the New England Journal of Medicine فى شهر تشرين الثانى/نوفمبر 2002. هذا البحث شمل 537.000 طفل من الدنمارك بعضهم تلقوا التطعيم، والبعض الآخر لم يتلقوه. وقد تم فحصهم ست سنوات بعد تلقى التطعيم. تبين أن انتشار مرض التوحد كان متشابهاً فى صفوف الأطفال الذين تلقوا التطعيم الثلاثى- MMR، وفى صفوف الأطفال الذين لم يتلقوا هذا التطعيم. جميع الأبحاث التى فحصت العلاقة بين تطعيم الحصبة وبين التوحد أو أمراض أخرى (أعراض عصبية) وجدت وبشكل واضح أن التطعيم ضد الحصبة لا يزيد من خطر الإصابة بمرض التوحد أو بأعراض عصبية. من المهم الإشارة إلى أنه فى عام 2010 أزالت صحيفة لانست من سجلاتها المقال الذى أثار هذا الجدل مع نشره فى عام 1998. أسباب إزالة المقال كانت عيوباً خطيرة فى البحث وكذلك عدم الاستقامة، غياب المسئولية والتضليل من جانب المؤلف.