الإخوان المسلمون يكونون حزباً تحت اسم الحرية والعدالة.. خبر يدعو للتفاؤل، الإخوان ينفردون بمنصة يوم جمعة النصر فى ميدان التحرير ويقصون التيار الذى أشعل فتيل الثورة.. خبر يدعو للتشاؤم.. لجنة تعديل الدستور لا تضم أى لون من ألوان الطيف السياسى إلا لون الإخوان.. خبر يدعو للتشاؤم المضاعف والمركب!!

تكوين الإخوان لحزب هو اندماج فى الحياة المدنية وقبول لقواعد لعبة الشفافية السياسية، وهذا يدعو للتفاؤل، وسيكون المحك والاختبار الحقيقى هو قبول الإخوان لأسلوب ودستور الحياة المدنية والتنازل عن أفكار الدولة الدينية بنموذجها الطالبانى والسودانى والإيرانى، وعدم إقصاء الأقباط والمرأة والانفتاح على العالم وقبول الآخر واحترام المواطنة... إلى آخر أبجديات الدولة المدنية الحديثة، وهذا مطلب طالما طالبت به كل القوى السياسية على اختلاف انتماءاتها لأن الإخوان تيار موجود وفاعل فى الشارع السياسى ولابد من الاعتراف به طالما تحدث بلغة السياسة والصح والخطأ والدستور والقانون، لا بلغة التكفير والردة والحلال والحرام والولاء والبراء!

وأتمنى أن يغير شباب الإخوان - الذى شارك باقى شباب مصر فى الثورة بصفتهم شباباً لا فصيلاً سياسياً - من خلال اتصالهم وانفتاحهم على عالم النت من لغة الحرس الإخوانى القديم وتحويلها إلى لغة عصرية مقبولة ومفهومة ومبشرة.

التشاؤم بدأ حين شاهدنا نشل الثورة التى كانت تحتاج إلى انتشال وليس إلى نشل فى وضح النهار وعز الظهر، لا أحد ينكر على الإخوان فاعليتهم فى المشهد السياسى، ولكن الفاعلية شىء ومحاولة الالتهام شىء آخر، وليس من اللياقة السياسية فى هذا الوقت الحساس ولا حتى من الذكاء السياسى أن يتم السطو على الثورة بهذا الاستعجال وهذه السربعة، وفرق كبير بين النشل والانتشال.

فالنشل من الممكن أن يتم من خلال فرد، لكن الانتشال لابد أن يتم من خلال المجموع، والثورة تمت من خلال المجموع العفوى، والضغط تم من خلال هذا المجموع، ولابد من أن تكون بوصلة الاتجاه ودفة القيادة فى يد المجموع أيضاً، ولا ينفع أن تحتكر أى منصة فى ميدان لم يشهد احتكاراً لأى فصيل سياسى طيلة زمن الثورة، ويجب ألا تشهد منصته أى إقصاءات أو شعارات سياسية تختبئ خلف الدين.

تكوين الحزب يعنى الاعتراف بالتعددية السياسية، ولابد أن يتوازى هذا الفكر الجديد مع العمل فى الشارع أو الميدان أو على المنصات، كتبت من قبل الشارع لنا، أى أن الشارع للجميع، ولابد أن تكون المنصة أيضاً للجميع، لابد أن نهجر جميعاً عقلية العمل السرى ونذهب إلى حيث طاقة النور التى فتحتها لنا ثورة يناير، لابد أن نتحاور بهدوء وعقل ونقبل بالرأى والرأى الآخر ولا نعتمد سياسة السمع والطاعة كدستور أبدى.

نظامنا السياسى لابد أن يشمل كل الألوان كالسجاد الإيرانى وليس لوناً واحداً كالنظام الإيرانى.