ليست الكراهية هى ما يقتل الحب إنما ما يقتله حقاً اللامبالاة!، التعامل مع رفيق الرحلة على أنه سراب.. موجود وغير موجود.. حاضر وغير حاضر، هذا التعامل البارد الثلجى المهمل هو صرخة جنين الطلاق والانفصال الأولى، وهو أيضاً المشرط الذى يقطع الحبل السرى ما بين الزوج والزوجة، الاهتمام وعدم الإهمال والسؤال عن تفاصيل الطرف الآخر هى الرحم الذى لا بد أن يستمر حاضناً للعلاقة يمدها بأكسجين الاستمرار والتجدد، اللامبالاة هى بداية ماراثون الخرس الزوجى، الصمت الذى يشع جليداً من الجدران، ذلك الخرس الذى يضع الحب فى الفريزر ليتجمد ويفقد طعمه، مثل اللحم الذى يتحول إلى كاوتشوك، يصير الحب سلعة منتهية الصلاحية بين زوج أخرس وزوجة بكماء، والخرس هنا ليس معناه الامتناع عن الكلام ولكنه فقدان طعم الكلام، يتحدثان نعم لكنه حديث لا حوار، حديث روبوت ذكر إلى روبوتة أنثى، حديث تمارسه بآلية كتابة استمارة توظيف!، هى عندما تطلب منك رأيك فى لون فستانها هى لا تسألك بصفتك خبيراً فى الموضة، هى لا تتعامل معك كـ«إيف سان لوران» أو «فيرساتشى»، هى تطلب اهتمامك، هى تتصارع مع شاشة الموبايل التى تغمس فيها رأسك الأربع والعشرين ساعة لدرجة نسيان ملامحها، يتحول الحوار إلى تسول المشاعر، وللأسف المشاعر هى الشىء الوحيد الذى لا يتسول ولا يمكنك استعارته، سلف المشاعر تلف وردها ليس خسارة!، اللامبالاة والخرس الزوجى وثلاجة المشاعر من الممكن التغلب عليها بتعلم فن الإنصات، ذلك الفن الذى نحن فاشلون فيه بامتياز، نحن نعتقد أن آذاننا خلقت لتعليق الحلق ولغرس السماعة، نستمع ولا ننصت، الإنصات فن وفعل إيجابى، فيه مشاركة وتفاعل، الأذن فيه ليست عظيمات وقوقعة وأعصاباً، وإنما هى أصابع تطبطب وتحتضن وتربت على الكتف وتتسلل إلى شغاف القلب، عوّدوا آذانكم على أن تكون مرسل دفء وحنو وليست مجرد مستقبل أصوات ونبرات، عودوها على أن تتكلم وتشجع الآخر على الكلام، لا تترك نفسك لندم ما بعد الرحيل ولُم النفس على تلك اللامبالاة وصم الآذان، كما نذهب أحياناً لطبيب الأذن لإزالة أكداس وركام الشمع نحتاج أيضاً لإزالة أكداس وركام اللامبالاة السمعية والقلبية، اضبط مصطلحاتك وأوصافك وعدل قاموسك العاطفى، فزوجتك لا تثرثر بتفاهات، إنها ترسل رسائل استغاثة وبرقيات فضفضة وإشارات تحفيز اهتمام، تريد استردادك من صحرائك القاحلة وفك أسرك العاطفى، لكنك مصر على أن تفاهاتها لم تعد تحتمل، وأن رصيد طاقتك على الصبر قد نفد، بالرغم من أنك لا تحتمل تأخير طلب واحد حتى ولو كان فردة جورب أو زرار بيجامة!، هى تبحث بالـ«جى بى إس» الفطرى لديها عن عنوان الحب المفتقد الذى تاه فى زحمة تفاصيل الحياة، ما تطلقون عليه أحياناً تفاهات هو بعينه الدعامة التى تعالج انسداد شرايين العلاقة، المحاورة ليست مناورة من طرف ضد طرف آخر، ليست لعبة استغماية، هى اللعبة الرياضية الوحيدة التى يكسب فيها الطرفان!.