لا أعرف هل أبطال الدراما المصرية ينطقون الكلمات ويلقون العبارات للجمهور وللمشاهدين أم لأنفسهم؟!، اتهمت مهندسى الصوت فى معظم المسلسلات المصرية هذا العام بأنهم هم السبب فى عدم فهمى لثلاثة أرباع الحوار الذى أصبحت أفهمه بالشبه وبطريقة «ضع الكلمات المناسبة فى الفراغات»، ثم اتضح أن هناك عيباً خطيراً فى طريقة إلقاء معظم الممثلين الجدد لحروف الكلمات، بالرغم أن المسلسلات ليست بالعربية الفصحى، فإن هناك مشكلة رهيبة فى تعاملهم مع اللغة وصندوق الصوت وأوتار الحنجرة وأماكن نطق الكلمات سواء من الحنجرة أو الشفتين أو اللسان أو من الأنف.. إلخ، منهم من يمضغ الكلام مضغاً ومنهم من يلوكه ومنهم من يقذفه حجراً فى وجوهنا ومنهم من يهمس ومنهم المبحوح ومنهم المطجن.. إلخ، إنه ليس نطقاً وإلقاء للغة وإنما هو قىء و«طراش» للكلمات، الأمثلة كثيرة فوق الحصر لكن أبرز مثال هو ممثل أنا أحبه جداً وهو بالفعل موهوب، لكن جهاز النطق لم يدربه على الإلقاء لتلافى العيوب، إنه محمد ممدوح، بالرغم من أنه يعمل منذ فترة كبيرة فإنه تكاسل عن إصلاح هذا العيب الخطير، وكل من يحكى فى خلفية المشاهد أو يقرأ تعليقاً باللغة الفصحى فى خلفية المشهد فى كل المسلسلات التى تحتوى على ذلك ودون استثناء، كلهم يلقون اللغة إلقاء يقترب من الجريمة فى حقها!، إنها مشكلة لا بد أن ينتبه إليها صناع الدراما فى مصر بالذات، لأنه بالمقارنة مع الفنانين السوريين مثلاً فإننا نخسر حتماً الرهان، فإلقاء اللغة لديهم رائع ورصين وواضح، إذا تجاوزت حاجز اللغة وركزت معهم ستعرف الفارق الكبير، والحل ليس معضلة ولا يحتاج لكيمياء، مدربو الإلقاء موجودون، والمرجع متوافر فى هيئة الكتاب وثمنه ٢٨٠ قرشاً وعدد صفحاته ١٨٢ صفحة والمؤلف هو العملاق عبدالوارث عسر، والعنوان هو «فن الإلقاء»، ولا توجد مشكلة مستحيل حلها، فقد حل «عسر» مثلاً مشكلة نطق حرف الراء وقلبها غين عند فاتن حمامة، مما جعلها سيدة الشاشة بعد ذلك، وكنتم تتخيلون أنها مشكلة مستعصية الحل، أرجوكم اقرأوا هذا الكتاب ولا تستسهلوا، وأرجو من مكتبة الأسرة توفيره وإعادة طبعه لكى يتوفر للممثلين ولكل قبيلة الدراما، يا نجوم مصر نطق الحروف أهم من فورمة الساحل، ويا نجمات مصر إلقاء الكلمات أهم من نفخ الشفايف بالفيلر، الصوت والتعبيرات هى رأس مال الممثل، والفنان الذى يدخل المسلسل وهو يجهل كيفية النطق فهو يدخل خاسراً من قبل البداية، كتاب «فن الإلقاء» يعلمك ويربيك صوتياً وفنياً، يحكى لك عن تاريخ فن الإلقاء شرقاً وغرباً، أماكن نطق الحروف، أنواع الأصوات، أهمية التذوق الموسيقى، حتى السكتات وأماكنها، التمبو والإيقاع، حتى الشخصية وأنواعها وسيكولوجيتها يفرد لها القدير عبدالوارث عسر فصلاً كاملاً، تخرج من قراءة الكتاب وأنت تجيد نطق كل حرف فى الأبجدية، تعطيه حقه ووزنه وثقله وإيقاعه وجرسه خالياً من السربعة واللهوجة والخطف والمضغ، لا أريد حوارات سرية فى المسلسلات المصرية لا يسمعها أو يفهمها حتى من فى اللوكيشن، اللغة وليست الصورة فقط هى جسر التواصل فى الدراما، والمخرج الذى يركز فى بهلوانيات الكاميرا وزوايا اللقطة فقط وينسى الحوار ومفرداته ويتسامح مع خطايا النطق، مخرج أنانى تنقصه الحنكة والأمانة مهما كان موهوباً.