وصلنى من د. مينا بديع عبدالملك رد هو تأكيد على ما كتبته أمس عن ضرورة وجود تقويم منضبط نعرف فيه إجازاتنا وخططنا لسنين مقبلة كترجمة لحياة مخططة وتوقيتات منظمة وطريقة تفكير لا عشوائية، وأهمية الرسالة أنها من أستاذ رياضيات مسيحى بكلية هندسة الإسكندرية، هذا وسع عدسة الرؤية فلم تعد قاصرة على أعياد فى تقويم هجرى فقط، يقول د. مينا: قضية إعداد جداول مُسبقة بالأعياد قضية حيوية من أجل تنظيم حياتنا والتخطيط لأمور مستقبلية عديدة، وهى ليست أمراً ترفيهياً يمكننا أن نأخذ به أو نتغاضاه، بل هو أمر مهم جداً. وهنا لا بد أن أذكر الواقعة الآتية: عندنا فى المسيحية موعد الاحتفال بعيد القيامة متغير طبقاً للفصح اليهودى، ففى القرن الرابع الميلادى وبالتحديد فى عام 325م نصت قوانين مجمع نيقية على أن الاحتفال بعيد القيامة يكون فى الأحد التالى للفصح اليهودى أى أنه ينبغى ألا يتفق معه ولا حتى يسبقه. منذ بضع سنوات كنت معاراً للتدريس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وعادة الجامعة الأمريكية -كما هى عادة جميع المؤسسات المحترمة التى تحترم أولاً الإنسان- تقوم بإعداد التقويم الأكاديمى لمدة سنتين أو أكثر مسبقاً يضم مواعيد بداية الفصول الدراسية ونهايتها وبداية الامتحانات ونهايتها وأيضاً مواعيد الإجازات القومية والدينية، وذلك كله حتى يكون الفصل الدراسى الأكاديمى يحتوى على 15 أسبوعاً لا أكثر ولا أقل. بالنسبة للأعياد الدينية هناك الأعياد الدينية الإسلامية والأعياد الدينية المسيحية، التى تنقسم إلى المسيحيين الغربيين والمسيحيين الشرقيين. كانت المشكلة التى تواجه السيدة الفاضلة بإدارة شئون الطلاب بالجامعة هى معرفة موعد عيد القيامة عند الغربيين وموعد عيد القيامة عند الشرقيين وبالتالى تحديد موعد الاحتفال بعيد شم النسيم، لأن الكنيسة الغربية للأسف الشديد خالفت قوانين مجمع نيقية وانفردت بتقويم خاص بها. فى تلك الأثناء كان نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب هو الأستاذ الدكتور أشرف الفقى، أستاذ الفيزياء بالكلية، فعندما لجأ إليه المسئولون بإدارة التسجيل لإيجاد حل لهذه المشكلة، قال لهم بالحرف الواحد: «عليكم بفلان بقسم الرياضيات وسوف يكون لديه حل لهذه المشكلة». فعلاً اتصلوا بى، وتوجهت لمكتب إدارة التسجيل وعرضوا علىّ الأمر، وقالوا لى: هل لديك حل؟ قلت لهم: فى الغد سوف أكون معكم ولدىّ حل. كان هذا الموضوع نحو عام 2012، وفعلاً ذهبت لهم فى اليوم التالى ومعى جداول بجميع أيام الاحتفال بعيد القيامة سواء للمسيحيين الغربيين أو الشرقيين حتى عام 3000م (نعم عام 3000م)، وقدمتها لهم وشرحت لهم كيفية قراءة تلك الجداول، وبمداعبة لطيفة قلت لهم: «على شرط فى سنة 3000 نتقابل ونحتفل معاً بعيد شم النسيم». وبذلك أمكنهم ضبط التقاويم الأكاديمية مشتملة كل شىء. ما أصعب أن تكون الحياة عشوائية.. إن كانت كذلك فلم تعد حياةً بل تخبط.