لم أكن أتصور أن يأتى اليوم على جريدة قومية كبيرة وتسمح لصحفية تعمل فيها أن تروج لدجل ونصب وهرتلة وتكرر كل فترة نفس الوسواس القهرى، وتفرد حواراً يحتل ثلاثة أرباع صفحة مع خبيرة علاج بالطاقة مرفقة بصور بالحجم الطبيعى، وكأنه حوار مع د. مجدى يعقوب أو لويس باستير!! الحوار ينتمى إلى عالم الهلاوس السمعية والبصرية ويرسخ ثقافة الخرافة ولا ينتمى لأى علم أو حتى ذرة عقل، شعبنا الغارق فى الأساطير والأوهام والتخاريف يقرأ هذه الهرتلات، وللأسف هذه الأوهام تقال على لسان طبيبة المفروض أنها تعلمت أن الطب الحديث هو الطب المبنى على الدليل، وأن كلام المصاطب وأحاديث النميمة من قبيل علاج الطاقة شفانى من الورم أو عالج الإيدز أو الفيروس هو كلام يوقعنا فى فخ كفتة عبدالعاطى، وبردقوش تاجر الأعشاب وعطار الطب! ولكن الكارثة هذه المرة أنه يأتى من خريجة كلية طب تكرر نفس الأسطوانة المشروخة عن أضرار الدواء وجرائم شركات الأدوية.. إلخ، اختارت، كما اختار الكثيرون من مروجى الخرافة، الحل السهل وهو مغازلة البسطاء والجهلاء والابتعاد عن دروب العلم المرهقة المتشككة الموسوسة التى قدمت ولا تزال من خلال الأبحاث والمعامل والمؤتمرات والدراسات طوق النجاة لملايين المرضى، ولتقل لى د. ماجدة كيف ستعالج شلل الأطفال بالطاقة؟! كيف ستعالج سكر الأطفال دون أنسولين وبموجات الضوء وحجر الكهرمان وأشكال الهرم إلى آخر هذا الكلام الفارغ؟! كيف تخرج إلينا طبيبة محترمة تتكلم عن العلاج بـ«الرقية» فى زمن العلاج بالهندسة الوراثية، وقص ولصق الجينات؟! لن أطيل عليكم وسأقتبس لكم بعض ما قيل فى هذا الحوار الذى مكانه مسرح العبث أو مجلة البعكوكة، وأترك الحكم لكم: اللون الأحمر يعالج الأنيميا، واللون الأزرق يعالج الكبد والمرارة، والعلاج بطاقة الريكى (منها جاءت الرقية)، وهذه طاقة موجودة فى الكون يلتقطها الإنسان مثل الرادار ويستعملها للشفاء والشفاء بالنور الذى نراه على معظم الجدران برفع اليد وتوجيهه إلى الملك، إن الشفاء بالنور ليس غريباً الآن، فقد اكتشف العالم الألمانى الدكتور بوب أن خلايا جسم الإنسان تشع نوراً كأنه ضوء شمعة عندما نراها من بعيد، فى دول الغرب تحدث حالة من الاستنفار الأمنى وقت اكتمال القمر بدراً تحسباً لأى مشاغبات تحدث بين البشر أكثر من المعتاد نتيجة الموجات الصادرة التى تؤثر على المد والجزر، ونراها وتؤثر فينا نحن البشر ولا نراها، وقد أوصانا النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، من قبل كل تلك الاكتشافات بالصيام فى الأيام القمرية من كل شهر عربى، لأن الصيام يهدئ من نفس وروع الإنسان التى تتأثر بالظواهر الفلكية (طبعاً لازم ولا بد من بعض البهارات الدينية على طبخة الدجل، لكى تصبح أكلة الخرافات حرّاقة ومهضومة ولذيذة)!!. الإنسان تحيطه هالة بنفسجية كالجدار تحميه وتقيه من الموجات السلبية بما تحمله من داء إذا تشققت تلك الهالة وضعفت نتيجة الحالة النفسية أو غيرها، فليستعد الإنسان لتلقى ضربات سلبية مرضية لأى عضو فى جسده. انتهت الاقتباسات التى تجاوزت فهمى المحدود وعقليتى المتواضعة التى لم تحط علماً بأحدث أبحاث الرقية الشرعية والتى لا ترقى إلى مرتبة المحررة المتخصصة فى الجلا جلا الصحفى، وأمور عالم الطيران فى دنيا المورستان، ولم تطلع على تاريخ الاستنفار الأمنى نتيجة اكتمال القمر!! لنا الله والظاهر أننا مكتوب علينا نعيش زمن الكفتة، ويخترقنا السيخ حتى تخرج قمته المدببة من تلافيف قشرة المخ.