هذا عنوان كتاب يهم نحو عشرة ملايين مريض مصرى، وعدداً آخر يوازيهم من الممكن أن يكون لديهم قابلية الإصابة أو فى مرحلة ما قبل السكر أو من ضمن الذين لو زاد وزنهم ونسبة الكوليسترول وأرقام الضغط واضطرب نظام حياتهم سرعان ما سينضمون إلى أكبر حزب فى مصر.. الكتاب تأليف د. إيناس شلتوت، أستاذة الباطنة بطب قصر العينى ورئيسة الجمعية العربية لدراسة أمراض السكر، التى لم تكتف بمدرجات ومحاضرات الكلية الأكاديمية، بل اتجهت إلى ما هو أكثر رحابة، فهى لها أنشطة ميدانية متعددة على الأرض وبين المرضى وداخل مؤسسات المجتمع المدنى، الكتاب صادر عن دار أخبار اليوم ويُعتبر وجبة سهلة لأى قارئ حتى ولو كان غير مريض بالسكر، فى الفصل الأول تتحدث د. إيناس عن أسباب المرض ولماذا أصبحت مصر فى المركز الثامن على مستوى العالم من حيث نسبة الإصابة، وكيف أن هذا المرض كما هو مرهق لصحة المواطن، فهو مرهق اقتصادياً لصحة الوطن، تشير أصابع الاتهام إلى وجبات السعرات الحرارية العالية والكسل عن ممارسة الرياضة والتدخين والبدانة إلى جانب أسباب قدرية تتعلق بالوراثة والجنس، وتفرّق بين السكر من النوع الأول وهو الذى يصيب الأطفال ويعتمد فى علاجه على الأنسولين والنوع الثانى الذى هو الأكثر انتشاراً والذى يتحدث عنه معظم الكتاب، وتطرح فى فصل آخر، أعتبره هو أهم فصول الكتاب، مفهوم الوقاية من مرض السكر، الذى يبدأ باكتشاف مرحلة ما قبل الإصابة، وتشرح بالتفصيل كيفية علاج الغيبوبة والتفرقة بين أنواعها والتى لا بد أن تكون كل أسرة فيها مريض بالسكر ملمة بها. تلح مؤلفة الكتاب على توصيل مفهوم أن السكر ليس مجرد رقم ولكنه متلازمة أعراض كثيرة من الممكن أن تؤدى بالإهمال إلى مضاعفات خطيرة على العين والكلى والأعصاب والقدم، وتنبّه إلى أهمية تحليل الهيموجلوبين السكرى ومتابعته لتلافى تلك المضاعفات والغيبوبة أيضاً، يستعرض الكتاب فى أكبر فصوله نوعيات العلاج، أولاً مجموعات أقراص الفم المختلفة والمتنوعة، ثم علاج الحقن، وتفرد عدة صفحات لإزالة اللبس عن الأنسولين وعلاج الفوبيا الرهيبة التى تجعل البعض يحجم عن الحقن ويخسر ربما إنقاذ حياته نتيجة ثقافة خاطئة، وتتحدث عن المضخات وعن نجاحات ونبوءات المستقبل من زراعة بنكرياس وخلايا جذعية والحقن بغير الأنسولين والمضخات الدقيقة... إلى آخر تلك الأحلام التى لا يكف العلم عن تحقيقها والمغامرة فى سبيل تنفيذها على أرض الواقع، ولأن مصر من أكثر البلاد فى العالم التى تنتشر فيها أمراض الكبد فإن د. إيناس تناقش تلك العلاقة بين السكر والكبد بالتفصيل لشرح التفاعل المتبادل بينهما وما البروتوكول الذى يجب أن يكون فى ذهن وخطة كل طبيب باطنة عند التعامل مع تلك المشكلة المصرية الكبيرة. من أهم الصفحات التى يبحث عنها القراء، أو بالأصح القارئات، هى صفحات الريجيم، وهو ما يقدمه هذا الكتاب عبر بعض الجداول الاسترشادية، يختتم الكتاب بتناول جديد وغير مطروق كثيراً وهو علاقة السكر بالاكتئاب وأيضاً منظومة الدجل الطبى أو بالأصح اللاطبى الذى يبيع الوهم لمرضى السكر، وهو من أهم النقاط التى لا بد أن تفرد لها د. إيناس كتاباً منفصلاً وليس مجرد فصل فى كتاب. الكتاب رحلة ممتعة بمعلومات مبسطة وأسلوب جذاب أشكر عليه د. إيناس شلتوت وكتاب اليوم الطبى.