الليزر ليس مجرد شعاع وإنما عصا سحرية أعادت تشكيل العالم تكنولوجياً، ولا يمكن أن يمر يوم واحد الآن إلا وقد قابلت هذا الشعاع، استضفته أو استضافك فى جهاز أو تقنية أو لعبة أو إجراء طبى أو سوبر ماركت، ولذلك يحق للعالم أن يحتفل بأكبر عيد ميلاد لهذا الشعاع الذى غيَّر وجه العالم.

خمسون عاماً مرت على اكتشاف عالم الفيزياء الشهير «ثيودور مايمان» لأول شعاع ليزر عام 1960 فى «معمل أبحاث هيوز» بولاية كاليفورنيا الأمريكية، عندما سلط ضوءًا ساطعًا من مصباح مومض باتجاه قضيب من الياقوت الأحمر مغطى بطبقة من الفضة، وبذلك أنتج مايمان الليزر (LASER) وهو اختصار لمصطلح (Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation) أى «تضخيم الضوء بانبعاث الإشعاع المستحث»، والمدهش أن اختراعه قوبل فى البداية بالسخرية والرفض من جهات علمية كثيرة، وتمضى الأيام ويصبح الليزر أهم اكتشافات القرن العشرين،

لدرجة أن البعض يتهم علماء الفيزياء بأنهم لم يتمكنوا من استثمار هذه المعجزة العلمية بكل طاقاتها وإمكانياتها حتى الآن، حتى إن البعض أطلق عليه «الحل الذى يبحث عن مشكلة»، فهو بعد نصف قرن صار «الحل الأسرع والأنظف» لغالبية المشاكل، ولا تكاد تخلو مؤسسة أو بيت من استخدام الليزر كما لا يكاد يستغنى أى مجال من مجالات العمل، الهندسية والزراعية والصناعية والطبية والتعليمية وحتى الترفيهية، عن استخدام الليزر، فنراه فى غرف الجراحة وقاعات الدراسة وخطوط الإنتاج فى المصانع وفى الخدع السينمائية، وحتى فى أصغر المتاجر. كل هذا جعل الأكاديمية الأمريكية للهندسة تختار توليفة «الليزر والألياف البصرية» كواحدة من بين «أهم 20 تطورا هندسيا فى القرن العشرين»، باعتبارها السبب الرئيسى فى ثورة الاتصالات.

شعاع الليزر له سمة أساسية هو أن طيف الضوء المنبعث منه يكون له نطاق تردد ضيق جدا ومحدد، وهذا يجعل شعاع الليزر ممتدا إلى مسافة طويلة دون أن يتسع طيفه، وقد استخدم الليزر بعد عدة سنوات من اكتشافه فى قياس بُعد القمر عن الأرض، وحدث ذلك عام 1969 عندما تم إرسال شعاع ضوئى للقمر حيث استقبلته عاكسات كبيرة كانت مثبتة على سطح القمر بواسطة برنامج أبوللو الأمريكى، وقامت هذه العاكسات بإرجاع الشعاع إلى الأرض، وتم قياس الفترة التى استغرقها الشعاع ذهابا وإيابا، ومن خلالها عُرف بعد القمر عن الأرض.

لن نعلم القارئ دروساً أكاديمية فى الليزر، ولكن سنطالب تليفزيوننا وفضائياتنا بأن تحتفل بهذه المناسبة لتبث روح حب العلم واحترامه فى نفوس وعقول المصريين، يكفى أن يعرضوا ماذا فعل الليزر بحياتنا، وهذه مجرد عينة من فضائل الليزر علينا، الليزك فى علاج عيوب الإبصار والشبكية، وأجهزة الليزر فى التجميل وعلاج الأمراض الجلدية وجراحات الفك والأسنان، توجيه الصواريخ، اللحام، الباركود، أقراص السى دى، طابعات الكمبيوتر، ألياف الإنترنت، الملاهى.. إلخ.

الليزر بالفعل سحر سبق تخيلنا فصار حلاً متجاوزاً لتوقعاتنا.