هناك شائعات قوية عن نية وزير التربية والتعليم شطب درس الجهاز التناسلى من كتاب العلوم للصف الثالث الإعدادى!، لم أصدق هذه الشائعات حتى نشرها موقع «اليوم السابع»، ولم يرد بعدها أى مسؤول من الوزارة على الخبر.

أتمنى أن يكون الخبر كاذباً، لكن الأهم من الخبر هو دلالة الصمت تجاهه والتواطؤ معه من كثير من مسؤولى التربية والتعليم المصريين الذين زحفت على أدمغتهم رياح التصحر الفكرى الوافدة من الشرق، فبعد أن أصبحت كتب اللغة العربية عبارة عن منشورات وهابية داخل فصول المدارس، انتقلت العدوى لكتب العلوم حيث تحولت رغبة الثقافة المحافظة فى حذف النصف الأسفل من الجسم إلى أمخاخ مسؤولى الوزارة.

إنها ليست مشكلة وزارة التعليم إنها مشكلة مجتمع يعانى من ازدواجية، يتكلم فى السر عن الجنس ليل نهار حتى صار طعامه الرئيسى على المائدة، أما عندما يخرج إلى العلن فهو يدعى الورع والتقوى والتعفف وعدم الفضول والرغبة!،

تجارب معظمنا فى الإعدادية ترسم هذا البورتريه الاجتماعى القبيح والسيناريو اللاأخلاقى الكريه، مدرس يدخل مغتبطاً فرحاناً فى غاية الانبساط، يا جماعة درس الجهاز التناسلى «طنشوه».. ليه؟!،

مش جاى فى الامتحان!، طيب نعمل إيه عندما يتحول الامتحان على الورق إلى امتحان فى الحياة وعلى الفراش، وداخل غرف النوم المغلقة على كوارث اجتماعية ومآس زواجية!،

لا يرد الأستاذ، ونكبر ويكبر معنا الوهم وتتضخم لدينا الأسطورة، ونظل نختزل الجنس فى دقائق اللقاء الحميم ولا نوسع دائرته لندمجه فى مشاعر الحب والحنان والتواصل والفهم، نحوله من ديالوج إلى مونولوج، نتهمه بأنه السبب فى الغضب الكونى الذى يسقط اللعنة على حياتنا ويملؤها بالدنس والنجاسة!.

برغم التزمت الطقوسى والتدين الشكلى والصراخ الدينى فى أرجاء مصر من أقصاها إلى أقصاها، لم ينعكس كل هذا على السلام النفسى للعلاقات الزوجية،

زادت الاضطرابات الجنسية، زادت اللامبالاة بكيان المرأة أثناء العلاقة فتحولت إلى وعاء بارد لاستقبال فتوحات الفحل الغازى الذى يحمل الراية ومعها مفاتيح الجنة، هو الآمر الناهى والفاعل المنتشى، وهى المفعول به السلبى الصامت الذى لو طلب النشوة فمصيره النار وبئس المصير.

مازلنا نخجل من كلمة «الثقافة الجنسية» ونطلق عليها اسماً حركياً من باب الدلع هو «الصحة الإنجابية»!،

هى عادتنا عندما نتوارى خلف أسماء الدلع المزيفة حتى نزوِّر الواقع ونطمس الوعى،

فنطلق على الهزيمة نكسة، والكوليرا أمراض الصيف، وارتفاع الأسعار تحريك الأسعار!،

الجنس ليس أحقر الغرائز بل هو أرقى الغرائز لأنه لغة تواصل قبل أن يكون وسيلة تناسل، دعنا نسأل الوزير سؤالاً أعمق من مجرد تدريس الجهاز التناسلى، هل يوافق على تدريس الثقافة الجنسية؟

هذا هو السؤال الذى سيكشف عن الثقافة الحقيقية التى تحكم الوزارة، هل هى وزارة طالبانية لها أمير جماعة، أم وزارة مصرية لها وزير؟ ننتظر الإجابة.